بِسُؤَالِ الصُّوفِيَّةِ وَطَلَبِهِمْ لَهُ مِنْ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ، فَحَضَرَهَا وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْأَعْيَانُ فِي هَذَا الْيَوْمِ عِوَضًا عَنِ الشَّرِيفِ شِهَابِ الدِّينِ أَبِي الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، وهو الكاشنغر، تُوُفِّيَ عَنْ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً وَدُفِنَ بِالصُّوفِيَّةِ.
وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ بَاشَرَ بَهَاءُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمُ بن جمال الدين يحيى الحنفي المعروف بابن علية وَهُوَ نَاظِرُ دِيوَانِ النَّائِبِ بِالشَّامِ نَظَرَ الدَّوَاوِينِ عِوَضًا عَنْ شَمْسِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ القادر الخطيري الحاسب الكاسب تُوُفِّيَ، وَقَدْ كَانَ مُبَاشِرًا عِدَّةً مِنَ الْجِهَاتِ الْكِبَارِ، مِثْلَ نَظَرِ الْخِزَانَةِ وَنَظَرِ الْجَامِعِ وَنَظَرِ الْمَارَسْتَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَاسْتَمَرَّ نَظَرُ الْمَارَسْتَانِ مِنْ يومئذ بأيدي دِيوَانِ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ مَنْ كَانَ، وَصَارَتْ عَادَةً مستمرة.
وفي رجب (١) نقل صاحب حِمْصَ الْأَمِيرُ شِهَابُ الدِّينِ قَرَطَايْ إِلَى نِيَابَةِ طَرَابُلُسَ عِوَضًا عَنِ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ التُّرْكِسْتَانِيُّ بِحُكْمِ وَفَاتِهِ، وَوَلِيَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ أَرُقْطَايْ نيابة حمص، وَتَوَلَّى نِيَابَةَ الْكَرَكِ سَيْفُ الدِّينِ طُقْطَاي النَّاصِرِيُّ عوضاً عن سيف الدين تيبغا.
وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ عَاشِرِ رَجَبٍ دَرَّسَ بالنَّجِيبِيَّةِ القاضي شمس الدين الدمشقي عوضاً عن بهاء الدِّين يوسف بن جمال (٢) الدين أحمد بن الظاهري العجمي الحلبي، سبط الصاحب كمال الدين ابن الْعَدِيمِ، تُوُفِّيَ وَدُفِنَ عِنْدَ خَالِهِ وَوَالِدِهِ بِتُرْبَةِ الْعَدِيمِ.
وَفِي آوَاخِرِ شَعْبَانَ وَصَلَ الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنُ عِزِّ الدِّينِ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ أَخُو قَاضِي قُضَاةِ الْحَنَابِلَةِ بِمِصْرَ شَرَفِ الدِّينِ عَبْدِ الْغَنِيِّ، إِلَى دِمَشْقَ مُتَوَلِّيًا نَظَرَ الْأَوْقَافِ بِهَا عِوَضًا عَنِ الصَّاحِبِ عِزِّ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ محمد بن أحمد بن مبشر، تُوُفِّيَ فِي مُسْتَهَلِّ رَجَبٍ بِدِمَشْقَ، وَقَدْ بَاشَرَ نَظَرَ الدَّوَاوِينِ بِهَا وَبِمِصْرَ وَالْحِسْبَةَ وَبِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ مَعَهُ فِي آخِرِ وقت سوى نظر الأوقاف بدمشق، وقد قارب الثمانين ودفن بقاسيون.
وفي آخر شَوَّالٍ خَرَجَ الرَّكْبُ الشَّامِيُّ وَأَمِيرُهُمْ سَيْفُ الدِّينِ أَرْغُوَنُ السِّلِحْدَارُ النَّاصِرِيُّ
السَّاكِنُ عِنْدَ دَارِ الطِّرَازِ بدمشق، وحج من مصر سيف الدين الدَّوَادَارُ وَقَاضِي الْقُضَاةِ ابْنُ جَمَاعَةَ، وَقَدْ زَارَ الْقُدْسَ الشَّرِيفَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بَعْدَ وَفَاةِ وَلَدِهِ الْخَطِيبُ جَمَالُ الدِّينِ عَبْدُ اللَّهِ، وَكَانَ قَدْ رَأَسَ وَعَظُمَ شَأْنُهُ.
وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ سَارَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ تَنْكِزُ إِلَى زِيَارَةِ الْقُدْسِ فَغَابَ عِشْرِينَ يَوْمًا، وَفِيهِ وَصَلَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ بَكْتَمُرُ الْحَاجِبُ إِلَى دِمَشْقَ مِنْ مِصْرَ وَقَدْ كَانَ مُعْتَقَلًا فِي السِّجْنِ فَأُطْلِقَ وَأُكْرِمَ وَوَلِيَ نِيَابَةَ صَفَدَ فَسَارَ إِلَيْهَا بَعْدَ مَا قَضَى أَشْغَالَهُ بِدِمَشْقَ، وَنُقِلَ الْقَاضِي حُسَامُ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ (٣) مِنْ قَضَاءِ صَفَدَ إِلَى قَضَاءِ طَرَابُلُسَ، وَأُعِيدَتْ وِلَايَةُ قَضَاءِ صَفَدَ إِلَى قَاضِي دمشق فولى
(١) في مختصر أخبار البشر ٤ / ٨٠: تاسع عشر ربيع الآخر.