للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ تَرْجَمَتِهِ

هُوَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ وَاسْمُهُ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ التَّيْمِيُّ مَوْلَاهُمُ الْكُوفِيُّ (١) ، فَقِيهُ الْعِرَاقِ، وَأَحَدُ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ، وَالسَّادَةِ الْأَعْلَامِ، وَأَحَدُ أَرْكَانِ الْعُلَمَاءِ، وَأَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ المتنوعة، وَهُوَ أَقْدَمُهُمْ وَفَاةً، لِأَنَّهُ أَدْرَكَ عَصْرَ الصَّحَابَةِ، وَرَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قِيلَ وَغَيْرَهُ.

وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ رَوَى عَنْ سَبْعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فالله أعلم (٢) .

وَرَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ: الْحَكَمُ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ - الْأَنْصَارِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ.

وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ ابْنُهُ حَمَّادٌ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ، وَأَسَدُ بْنُ عَمْرٍو الْقَاضِي، وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيُّ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، وَدَاوُدُ الطَّائِيُّ، وَزُفَرُ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ، وَهُشَيْمٌ، وَوَكِيعٌ، وَأَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي.

قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: كَانَ ثِقَةً، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَلَمْ يُتَّهَمْ بِالْكَذِبِ، وَلَقَدْ ضَرَبَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَلَى الْقَضَاءِ فَأَبَى أَنْ يكون قاضياً.

وَقَدْ كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَخْتَارُ قَوْلَهُ فِي الْفَتْوَى، وَكَانَ يَحْيَى يَقُولُ: لَا نَكْذِبُ اللَّهَ! مَا سَمِعْنَا أَحْسَنَ مِنْ رَأْيِ أَبِي حنيفة، وقد أخذنا بِأَكْثَرِ أَقْوَالِهِ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: لولا أن الله أعانني بِأَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ لَكُنْتُ كَسَائِرِ النَّاسِ.

وقال في الشافعي: رَأَيْتُ رَجُلًا لَوْ كَلَّمَكَ فِي هَذِهِ السَّارِيَةِ أَنْ يَجْعَلَهَا ذَهَبًا لَقَامَ بِحُجَّتِهِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ أَرَادَ الْفِقْهَ فَهُوَ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حنيفة، ومن أراد السِّير فَهُوَ عِيَالٌ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَمَنْ أَرَادَ الْحَدِيثَ فَهُوَ عِيَالٌ عَلَى مَالِكٍ، وَمَنْ أَرَادَ التَّفْسِيرَ فَهُوَ عِيَالٌ عَلَى مُقَاتِلِ بْنِ سليمان.

وقال عبد الله بن داود الحريبي: يَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يَدْعُوا فِي صَلَاتِهِمْ لِأَبِي حَنِيفَةَ، لِحِفْظِهِ الْفِقْهَ وَالسُّنَنَ عَلَيْهِمْ.

وَقَالَ سُفْيَانُ الثوري وابن الْمُبَارَكِ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ أَفْقَهَ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي زَمَانِهِ.

وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ صَاحِبَ غَوْصٍ فِي الْمَسَائِلِ.

وَقَالَ مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: كان أعلم أهل الأرض.

وروى الخطيب بِسَنَدِهِ عَنْ أَسَدِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ أَبَا حنيفة كان يصلي بالليل وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، وَيَبْكِي حَتَّى يَرْحَمَهُ جِيرَانُهُ.

وَمَكَثَ أَرْبَعِينَ سَنَةً يُصَلِّي الصُّبْحَ بوضوء العشاء، وختم القرآن في الموضع الذي توفي فيه سبعين ألف مَرَّةٍ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ - وَعَنِ ابْنِ معين سنة إحدى وخمسين.

وَقَالَ غَيْرُهُ: سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ.

وَالصَّحِيحُ

الْأَوَّلُ.


(١) مولى لبني تيم الله بن ثعلبة من بكر بن وائل.
(٢) في وفيات الاعيان ٥ / ٤٠٦: أدرك أبعة من الصحابة وهم: أنس بن مالك وعبد الله بن أبي أوفى وسهل بن سعد الساعدي وأبو الطفيل عامر بن واثلة ولم يلق أحدا منهم ولا أخذ عنهم.
قال الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ٣٢٤ والذهبي في التذكرة ١ / ١٦٨: رأى أنس غير مرة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>