للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى حَيْثُ أَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ فَأَتَاهُمْ آتٍ مِمَّنْ لَمْ يكن معهم فقال: ما تنظرون ههنا؟ قَالُوا مُحَمَّدًا، فَقَالَ خَيَّبَكُمُ اللَّهُ، قَدْ وَاللَّهِ خَرَجَ عَلَيْكُمْ مُحَمَّدٌ ثُمَّ مَا تَرَكَ مِنْكُمْ رَجُلًا إِلَّا وَقَدْ وَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا، وَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ! أَفَمَا تَرَوْنَ مَا بِكُمْ؟ قَالَ فَوَضَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَإِذَا عَلَيْهِ تُرَابٌ، ثُمَّ جَعَلُوا يَتَطَلَّعُونَ فَيَرَوْنَ علياً على الفراش مستجيا بِبُرْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَمُحَمَّدٌ نَائِمًا، عَلَيْهِ بُرْدُهُ، فَلَمْ يَبْرَحُوا كَذَلِكَ حَتَّى أَصْبَحُوا (١) فَقَامَ عَلِيٌّ عَنِ الْفِرَاشِ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ صَدَقَنَا الَّذِي كَانَ حَدَّثَنَا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فيَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَمَا كَانُوا أَجْمَعُوا لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)

[الأنفال: ٣٠] وَقَوْلُهُ: (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) [الطُّورِ: ٣٠] قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَأَذِنَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ بِالْهِجْرَةِ.

بَابُ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَلِكَ أَوَّلُ التَّارِيخِ الْإِسْلَامِيِّ كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ فِي الدَّوْلَةِ الْعُمَرِيَّةِ كَمَا بَيَّنَاهُ فِي سِيرَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا رَوْحٌ، ثَنَا هِشَامٌ (٢) ، ثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عبَّاس.

قَالَ: بُعث النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم لأربعين سنة، فمكث فيها (٣) ثَلَاثَ عَشْرَةَ يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.

وَقَدْ


(١) قال في الروض الآنف ١ / ٢٩٢ روى الحارث بن أبي أسامة في مسنده عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذكر فضل يس، أنها: إن قرأها خائف أمن، أو جائع شبع، أو عار كسي أو عاطش سقي..وعلل امتناعهم من الدخول إليه صلَّى الله عليه وسلم قال: وذكر بعض أهل التفسير السبب المانع لهم من التقحم عليه في الدار، إنهم هموا بالولوج عليه - وأنهم إنما جاءوا لقتله - فصاحت امرأة من الدار، فقال بعضهم لبعض: والله إنها للسبة في العرب أن يتحدث عنا أنا تسورنا الحيطان على بنات العم، وهتكنا ستر حرمتنا..فأصبحوا ينتظرون خروجه - على باب الدار -.
(٢) روح بن عبادة، وهشام بن حسان.
(٣) في البخاري ورواية البيهقي: بمكة بدلا من فيها.
والحديث أخرجه البخاري في ٦٣ كتاب مناقب الانصار (٤٥) باب هجرة النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلم ح ٣٩٠٢ فتح الباري ٧ / ٢٢٧ والبيهقي في الدلائل ٢ / ١٣١.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>