للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الأئمة والحفاظ ولم أر أحدا جرحه ومع هذا في حديثه هذا غرابة، قال الترمذي حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال عباس الدوري ليس في الدنيا أحد يحدث به غير قراد أبي نوح وقد سمعه منه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين لغرابته وانفراده. حكاه البيهقي وابن عساكر.

قلت: فيه من الغرائب أنه من مرسلات الصحابة فإن أبا موسى الأشعري إنما قدم في سنة خيبر سنة سبع من الهجرة. ولا يلتفت إلى قول ابن إسحاق في جعله له من المهاجرة إلى أرض الحبشة من مكة وعلى كل تقدير فهو مرسل. فإن هذه القصة كانت ولرسول الله من العمر فيما ذكره بعضهم ثنتا عشرة سنة، ولعل أبا موسى تلقاه من النبي فيكون أبلغ، أو من بعض كبار الصحابة ، أو كان هذا مشهورا مذكورا أخذه من طريق الاستفاضة.

الثاني: أن الغمامة لم تذكر في حديث أصح من هذا.

الثالث: أن قوله وبعث معه أبو بكر بلالا إن كان عمره إذ ذاك ثنتي عشرة سنة فقد كان عمر أبي بكر إذ ذاك تسع سنين أو عشرة، وعمر بلال أقل من ذلك، فأين كان أبو بكر إذ ذاك؟ ثم أين كان بلال؟ كلاهما غريب اللهم إلا أن يقال إن هذا كان ورسول الله كبيرا. إما بأن يكون سفره بعد هذا أو إن كان القول بأن عمره كان إذ ذاك ثنتي عشرة سنة غير محفوظ، فإنه إنما ذكره مقيدا بهذا الواقدي. وحكي السهيلي عن بعضهم أنه كان عمره إذ ذاك تسع سنين والله أعلم (١). قال الواقدي: أحدثني محمد بن صالح وعبد الله بن جعفر وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين. قالوا: لما بلغ رسول الله اثنتي عشرة سنة خرج به عمه أبو طالب إلى الشام في العير التي خرج فيها للتجارة ونزلوا بالراهب بحيرى. فقال لأبي طالب بالسر ما قال. وأمره أن يحتفظ به فرده معه أبو طالب إلى مكة.

وشب رسول الله مع أبي طالب يكاؤه الله [﷿] ويحفظه ويحوطه من أمور الجاهلية


(١) قال ابن سيد الناس ج ١/ ٤٣: في متنه نكارة وهي ارسال أبي بكر مع النبي وكيف وأبو بكر لم يبلغ العشر سنين فإن النبي كان أكبر من أبي بكر بأزيد من عامين وكانت للنبي تسعة أعوام على ما قاله الطبري وغيره - أو اثنا عشر - وبلال لم ينتقل لأبي بكر إلا بعد ذلك بأكثر من عشرين عام فإنه كان لبني خلف الجمحيين وعند ما عذب في الله اشتراه أبو بكر. وقال ابن حجر في الإصابة الحديث رجاله ثقات وليس فيه منكر سوى هذه اللفظة فتحمل على أنها مدرجة فيه مقطعة من حديث آخر وهما من أحد رواته.
وأخرج ابن منده بسند ضعيف عن ابن عباس أنا أبا بكر الصديق صحب النبي وهو ابن ثمان عشرة سنة والنبي ابن عشرين سنة. قال ابن حجر إن صحت هذه القصة فهي سفرة أخرى بعد سفرة أبي طالب. (الخصائص ج ١/ ١٤٤ - ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>