للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّشْدَةِ، وَقَدِ اسْتَهْدَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نفادة بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ نَاقَةً تَكُونُ جَيِّدَةً لِلرُّكُوبِ وَلِلْحَلْبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلَدٌ مَعَهَا فَطَلَبَهَا فَلَمْ يَجِدْهَا إِلَّا عند ابن عم له، فجاء بها فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم بِحَلْبِهَا فَشَرِبَ مِنْهَا وَسَقَاهُ سُؤْرَهُ ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهَا وَفِيمَنْ مَنَحَهَا " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِيمَنْ جَاءَ بِهَا فَقَالَ " وَفِيمَنْ جَاءَ بِهَا ".

وَفْدُ بَنِي عَبْسٍ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ: أَنَّهُمْ كَانُوا تِسْعَةَ نَفَرٍ وَسَمَّاهُمُ الْوَاقِدِيُّ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَا عَاشِرُكُمْ " وَأَمَرَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ فَعَقَدَ لَهُمْ لِوَاءً وَجَعَلَ شِعَارَهُمْ يَا عَشَرَةُ، وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم سَأَلَهُمْ عَنْ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الْعَبْسِيِّ الَّذِي قَدَّمْنَا تَرْجَمَتَهُ فِي أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَذَكَرُوا أَنَّهُ لَا عَقِبَ لَهُ، وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم بَعَثَهُمْ يَرْصُدُونَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ قَدِمَتْ مِنَ الشَّامِ وَهَذَا يَقْتَضِي تَقَدُّمَ وِفَادَتِهِمْ عَلَى الْفَتْحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفْدُ بَنِي فَزَارَةَ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حدَّثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ، عَنْ أَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ.

قَالَ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ تَبُوكَ وَكَانَ سَنَةَ تِسْعٍ قَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ بَنِي فَزَارَةَ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فِيهِمْ،

خَارِجَةُ بْنُ حِصْنٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ، وهو أصغرهم، على ركاب عجاف، فجاؤو مُقِرِّينَ بِالْإِسْلَامِ، وَسَأَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ بِلَادِهِمْ.

فقال أحدهم: يا رسول الله أسننت بلادنا، وهلكت مواشينا وأجدب جناتنا (١) ، وَغَرِثَ عِيَالُنَا، فَادْعُ اللَّهُ لَنَا، فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ الْمِنْبَرَ وَدَعَا فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اسْقِ بِلَادَكَ وَبَهَائِمَكَ وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ، اللَّهم اسقنا غيثاً مغيثاً مرياً مَرِيعًا طَبَقًا وَاسِعًا عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ نَافِعًا غير ضار، اللهم اسقنا سقيا رحمة ولا سُقْيَا عَذَابٍ وَلَا هَدْمٍ، وَلَا غَرَقٍ، وَلَا مَحْقٍ، اللَّهم اسْقِنَا الْغَيْثَ وَانْصُرْنَا عَلَى الْأَعْدَاءِ ".

قَالَ فَمَطَرَتْ فَمَا رَأَوُا السَّمَاءَ سَبْتًا (٢) فَصَعِدَ رسول الله الْمِنْبَرَ فَدَعَا فَقَالَ: " اللَّهم حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا على الآكام والظِّراب وبطون الادوية وَمَنَابِتِ الشَّجر، فَانْجَابَتِ السَّمَاءُ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثوب " (٣) .

وفد بني مرة قال الواقدي: إنهم قدموا سنة تسع، عند مَرْجِعَهُ مِنْ تَبُوكَ، وَكَانُوا ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا منهم الحارث بن عوف، فأجازهم عليه السلام بِعَشْرِ أَوَاقٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَأَعْطَى الْحَارِثَ بْنَ عوف ثنتي عشرة


(١) في ابن سعد جنابنا، والجناب: الناحية.
وأسننت: أي أصابتها السنة أي أجدبت؟ ؟ وغرث: أي جاع.
(٢) في ابن سعد: ستا.
(٣) خبر قدوم وفود بني أسد وبني عبس وبني فزارة ذكره ابن سعد في الطبقات عن الواقدي في ج ١ / ٢٩٢ و ٢٩٥ و ٢٩٦.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>