للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَصِيرَةَ الْبِنَاءِ قَرِيبَةَ الْفِنَاءِ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ - وَكَانَ غُلَامًا مَعَ أُمِّهِ خَيْرَةَ مُوْلَاةِ أُمِّ سَلَمَةَ - لَقَدْ كُنْتُ أَنَالُ أَطْوَلَ سَقْفٍ فِي حِجر النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي.

قُلْتُ: إِلَّا إنَّه قَدْ كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ شَكِلًا ضَخْمًا طُوَالًا رَحِمَهُ اللَّهُ.

وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ: كَانَتْ مَسَاكِنُهُ عليه السلام مَبْنِيَّةً مِنْ جَرِيدٍ عَلَيْهِ طِينٌ بَعْضُهَا مِنْ حجارة مرضومة (١) وسقوفها كلها م جَرِيدٍ.

وَقَدْ حَكَى عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مَا تَقَدَّمَ.

قَالَ وَكَانَتْ حُجَرُهُ مِنْ شَعَرٍ مَرْبُوطَةً بِخَشَبٍ مِنْ عَرْعَرٍ.

قَالَ وَفِي تَارِيخِ الْبُخَارِيِّ أن بابه عليه السلام كَانَ يُقْرَعُ بِالْأَظَافِيرِ، فدلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِأَبْوَابِهِ حَلَقٌ.

قَالَ وَقَدْ أُضِيفَتِ الْحُجَرُ كُلُّهَا بَعْدَ مَوْتِ

أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُمَا: وَلَمَّا رَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ بن أريقط الدئلي إِلَى مَكَّةَ بَعَثَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ زَيْدَ بْنَ حارثة وأبا رافع مَوْلَيَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَأْتُوا بِأَهَالِيهِمْ مِنْ مَكَّةَ وَبَعَثَا مَعَهُمْ بِحِمْلَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ لِيَشْتَرُوا بِهَا إِبِلًا مِنْ قُدَيْدٍ، فذهبوا فجاؤوا بِبِنْتَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ وَأُمِّ كُلْثُومَ وَزَوْجَتَيْهِ سَوْدَةَ وَعَائِشَةَ، وَأُمِّهَا أُمِّ رُومَانَ وَأَهْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِ أَبِي بَكْرٍ صُحْبَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبي بَكْرِ وَقَدْ شَرَدَ بِعَائِشَةَ وَأُمِّهَا أُمِّ رُومَانَ الْجَمَلُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَجَعَلَتْ أُمُّ رُومَانَ تَقُولُ: وَاعَرُوسَاهُ، وَابِنْتَاهُ! قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ: أَرْسِلِي خِطَامَهُ، فَأَرْسَلْتُ خِطَامَهُ فَوَقَفَ بإذن الله وسلمنا الله عزوجل.

فَتَقَدَّمُوا فَنَزَلُوا بِالسَّنْحِ.

ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَائِشَةَ فِي شَوَّالٍ بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدِمَتْ مَعَهُمْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ امْرَأَةُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَهِيَ حَامِلٌ مُتِمٌّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ آخِرِ هَذِهِ السَّنَةِ.

فَصْلٌ فِيمَا أَصَابَ الْمُهَاجِرِينَ من حمى الْمَدِينَةِ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وهب بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا مَالِكٌ عَنْ (٢) هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا فَقُلْتُ: يَا أَبَهْ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ وَيَا بِلَالُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَتْ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبِّحٌ فِي أَهْلِهِ * وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نعله (٣)


(١) مرضومة: أي مضمومة بعضها فوق بعضٍ - والرضام من الجبل دون الهضاب.
(٢) صحيح البخاري ٥ / ١٦٨ باب ما جاء في هجرة النبي ح ٤٠٤ وفيه: مالك عن هشام وفي الاصل مالك بن هشام وهو تحريف.
(٣) مصبح: أي مصاب بالموت صباحا.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>