للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرب يعتصب بها فيعلم أنه سيقاتل، قال: فلما أخذ السيف من يد رسول الله أخرج عصابته تلك فاعتصب بها ثم جعل يتبختر بين الصفين. قال: فحدثني جعفر بن عبد الله بن أسلم، مولى عمرو بن الخطاب، عن رجل من الأنصار من بني سلمة قال: قال رسول الله حين رأى أبا دجانة يتبختر: انها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن. قال ابن إسحاق: وقد قال أبو سفيان لأصحاب اللواء من بني عبد الدار يحرضهم على القتال: يا بني عبد الدار قد وليتم لواءنا يوم بدر فأصابنا ما قد رأيتم وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم إذا زالت زالوا فإما أن تكفونا لواءنا وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه فهموا به وتواعدوه وقالوا: نحن نسلم إليك لواءنا! ستعلم غدا إذا التقينا كيف نصنع (١). وذلك الذي أراد أبو سفيان. قال: فلما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض قامت هند بنت عتبة في النسوة اللاتي معها وأخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال ويحرضن على القتال فقالت هند فيما تقول:

ويها بني عبد الدار … ويها حماة الأديار

ضربا بكل بتار

وتقول أيضا:

أن تقبلوا نعانق … ونفرش النمارق

أو تدبروا نفارق … فراق غير وامق

قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أن أبا عامر عبد عمرو بن صيفي ابن مالك بن النعمان أحد بني ضبيعة، وكان قد خرج إلى مكة مباعدا لرسول الله معه خمسون غلاما من الأوس وبعض الناس يقول كانوا خمسة عشر، وكان يعد قريشا أن لو قد لقي قومه لم يختلف عليه منهم رجلان. فلما التقى الناس كان أول من لقيهم أبو عامر في الأحابيش وعبدان أهل مكة فنادى: يا معشر الأوس أنا أبو عامر قالوا: فلا أنعم الله بك عينا يا فاسق. وكان يسمى في الجاهلية الراهب فسماه رسول الله الفاسق. فلما سمع ردهم عليه قال: لقد أصاب قومي بعدي شر ثم قاتلهم قتالا شديدا ثم أرضخهم بالحجارة. قال ابن إسحاق: فأقبل (٢) الناس حتى حميت الحرب وقاتل أبو دجانة حتى أمعن في الناس. قال ابن هشام: وحدثني غير واحد من أهل العلم أن الزبير بن العوام قال: وجدت في نفسي حين سألت رسول الله السيف فمنعنيه وأعطاه أبا دجانة وقلت أنا ابن صفية عمته ومن قريش وقد قمت إليه وسألته إياه قبله فأعطاه أبا دجانة وتركني والله لأنظرن ما يصنع فاتبعته فأخرج عصابة له حمراء، فعصب بها رأسه


(١) تقدم أن لواء المشركين كان مع طلحة بن أبي طلحة واسم أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي. وقد حمله بعد قتله أخوه عثمان.
(٢) في ابن هشام: اقتتل.

<<  <  ج: ص:  >  >>