للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهِ مِنْ حَلَالٍ وَحَرَامٍ، وَإِنْ أَرْغَمَ ذَلِكَ كَثِيرًا مِنَ الْأَقْوَامِ، ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ أَبْيَاتًا قُلْتُهَا حِينَ سَمِعْتُ بِهِ وَكَانَ لَنَا صَنَمٌ وَكَانَ أَبِي سَادِنًا لَهُ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَكَسَرْتُهُ ثُمَّ لَحِقْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَأَنَا أَقُولُ: شَهِدْتُ بِأَنَّ اللَّهَ حَقٌّ وَأَنَّنِي * لِآلِهَةِ الْأَحْجَارِ أَوَّلُ تَارِكِ فَشَمَّرْتُ عَنْ سَاقِي إِزَارَ مُهَاجِرٍ * إِلَيْكَ أَدِبُّ الْغَوْرَ بَعْدَ الدَّكَادِكِ (١) لِأَصْحَبَ خَيْرَ النَّاسِ نَفْسًا وَوَالِدًا * رَسُولَ مَلِيكِ النَّاسِ فَوْقَ الْحَبَائِكِ (٢) فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَرْحَبًا بِكَ يَا عَمْرُو بْنَ مُرَّةَ ".

فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ابْعَثْ بِي إِلَى قَوْمِي، لعلَّ اللَّهَ أَنَّ يَمُنَّ بِي عَلَيْهِمْ كَمَا مَنَّ بِكَ عَلِيَّ، فَبَعَثَنِي إِلَيْهِمْ وَقَالَ: " عَلَيْكَ بِالْقَوْلِ السَّدِيدِ وَلَا تَكُنْ فَظًّا وَلَا مُتَكَبِّرًا وَلَا حَسُودًا " فَأَتَيْتُ قَوْمِي فَقُلْتُ لَهُمْ: يَا بَنِي رِفَاعَةَ ثُمَّ يَا بَنِي جُهَيْنَةَ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكُمْ أَدْعُوكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ، وَأُحَذِّرُكُمُ النَّارَ، وَآمُرُكُمْ بِحَقْنِ الدِّمَاءِ، وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ، وَعِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَفْضِ الْأَصْنَامِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، شَهْرٍ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا.

فَمَنْ أَجَابَ فَلَهُ الْجَنَّةُ.

وَمَنْ عَصَى فَلَهُ النَّارُ.

يَا مَعْشَرَ جُهَيْنَةَ إِنَّ اللَّهَ - وَلَهُ الْحَمْدُ - جَعَلَكُمْ خِيَارَ مَنْ أَنْتُمْ مِنْهُ (٣) وَبَغَّضَ إِلَيْكُمْ فِي جَاهِلِيَّتِكُمْ مَا حَبَّبَ إِلَى غَيْرِكُمْ مِنَ الرَّفَثِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، وَيَخْلُفُ الرَّجُلُ [منهم] عَلَى امْرَأَةِ أَبِيهِ، وَالتِّرَاتِ (٤) فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ.

فَأَجِيبُوا هَذَا النَّبِيَّ الْمُرْسَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ.

تَنَالُوا شَرَفَ الدُّنْيَا وَكَرَامَةَ الْآخِرَةِ، سَارِعُوا

سَارِعُوا فِي ذلك يكون لَكُمْ فَضِيلَةٌ عِنْدَ اللَّهِ.

فَأَجَابُوا إِلَّا رَجُلًا مِنْهُمْ قَامَ فَقَالَ: يَا عَمْرُو بْنَ مُرَّةَ أَمَرَّ اللَّهُ عَلَيْكَ عَيْشَكَ، أَتَأْمُرُنَا أَنْ نَرْفُضَ آلِهَتَنَا وَنُفَرِّقَ جَمَاعَتَنَا بِمُخَالَفَةِ دِينِ آبَائِنَا إِلَى مَا يَدْعُو هَذَا الْقُرَشِيُّ مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ؟ لَا وَلَا مَرْحَبًا وَلَا كَرَامَةَ، ثُمَّ أَنْشَأَ [الخبيث] يَقُولُ: إِنَّ ابْنَ مُرَّةَ قَدْ أَتَى بِمَقَالَةٍ * لَيْسَتْ مَقَالَةَ مَنْ يُرِيدُ صَلَاحَا إِنِّي لَأَحْسَبُ قَوْلَهُ وَفَعَالَهُ * يَوْمًا وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ رِيَاحَا أَتُسَفِّهُ الْأَشْيَاخَ مِمَّنْ قَدْ مَضَى * مَنْ رَامَ ذَلِكَ لَا أَصَابَ فَلَاحَا فَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: الْكَاذِبُ مِنِّي وَمِنْكَ أَمَرَّ اللَّهُ عَيْشَهُ، وَأَبْكَمَ لِسَانَهُ، وَأَكْمَهَ بَصَرَهُ.

قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ وَاللَّهِ مَا مَاتَ حَتَّى سَقَطَ فُوهُ وَكَانَ لَا يَجِدُ طَعْمَ الطَّعَامِ، وَعَمِيَ وَخَرِسَ.

وَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ حتَّى أَتَوُا النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَحَّبَ بِهِمْ وَحَبَاهُمْ وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا هذه نسخته:


(١) في مجمع الزوائد: وشمرت عن ساق الإزار مهاجراً * إليك أحوز الفوز بعد الدكادك (٢) الحبائك: جمع حبيكة؟ وهي الطريقة بين النجوم ; والمراد: السماوات.
(٣) أي من العرب.
(٤) في ابن عساكر ومجمع الزوائد: والغزاة.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>