ورسوله وبتأخير قتل ابن الأرقم تحركتم خلاف إرادة الوحى النبوى، ومن هنا نخاف أن ندخل العصاة والمذنبين فى بلادنا! اذهبوا بعد الآن حيثما شئتم، ولما كانت البلاد الحجازية أفضل البلاد فمن رأينا أن تعودوا إلى أرض يثرب وأن تقضوا حياتكم هناك إلى آخر أعماركم وأن تستقروا هناك.
وأراد الجنود أن يقنعوا أهل الشام بعرض أفكارهم وقراراتهم بخصوص ابن أرقم ولكنهم لم يوفقوا واضطروا أن يعودوا إلى يثرب وبعد فترة وصلوا إلى موضع يقال له «زهرة» وبعد مرور زمن نزلوا فى المدينة المنورة ونصبوا خيامهم فى محل قريب من «زغابة»(١).
وكان فى ضمن الجنود أبناء بنى قريظة و «إخوته» بنو هذال وعمرو وصريخ ونضير بن النّحام ثم الخزرج بن الصريخ الذين يرتبط نسبهم بسلسلة نسب هارون عليه السلام.
ونزل هؤلاء فى أعالى المواقع التى تطلق عليها «مذينب ومهزول».
وفى حالة الأخذ بما ورد فى هذه الرواية فإن أقوام بنى إسرائيل الذين سكنوا أرض يثرب بعد العمالقة، لا مفر أن يكونوا هم الجنود الذين لم يقبلهم الشاميون بعد ارتحال موسى.
مع أن الرواية المنقولة عن سيدنا أبى هريرة تكذب هذا القول وتجرحه إذ تفضل المشار إليه قائلا:«إن علماء بنى إسرائيل كانوا قد رأوا فى صفحات التوراة أن «أمير الأصفياء» -عليه أجمل التحايا-رسولنا الكريم سينقل إلى قرية كثيرة النخيل وسيهاجر إليها وأن اسمها يثرب وإنهم فكروا فى أن يجدوا هذه القرية وقرروا الإقامة فيها إذ خرجوا بعد واقعة «بخت نصّر» من الشام وتجولوا فى المدن التى تقع بين الشام واليمن مدينة بعد مدينة ولما رأوا أن المدينة المنورة هى المدينة التى تقع بين أشجار النخيل وأن اسمها يثرب فبقوا فى البلدة الطيبة منتظرين وقت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان بينهم عدة أشخاص من حفدة هارون-
(١) زغابة موقع يقع بين حرة زهرة وسافلة ويسمى «القف» ويقال لهذا الموقع فى زماننا مجمع السيول.