يوم المعبس والمضرس-وقعت معركة المعبس والمضرس بعد وقعة يوم الحدائق، وقد وقع هذا الجدال خلف جدارين، وقد تحشد رجال الأوس الذين نجوا يوم الحدائق خلف جدار يعرف «بمعبس» كما احتشد رجال الخزرج خلف جدار آخر يقال له «مضرس» وتحاربوا وتقاتلوا أسابيع وفى النهاية انهزم الأوسيون وتشتتوا وأغلقوا أبواب الأبراج التى كانت تعد من الحصون فى تلك العصور على أنفسهم وأطلق لهذه الحرب اسم يوم «معبس ومضرس» وبعد فترة رغبت جماعة بنى عوف فى عقد الصلح مع الخزرج ولكن بنى عبد الأشهل وبنى ظفر والرجال الآخرون الذين يوافقون رأيهم امتنعوا عن ذلك قائلين إننا لا نرضى بعقد صلح قبل أن ننتقم من الخزرجيين من هنا أخذ الخزرجيون يزعجون الأوس من حين لآخر ويطردونهم من مساكنهم؛ حتى إن جماعة بنى سلمة باغتت قرية بنى عبد الأشهل ونهبوا أموالهم وأصابوا سعد بن معاذ الأشهلى بالجروح وسببوا له الألم والمحنة.
وذهب رؤساء الأوس بعد نهب قرية بنى عبد الأشهل إلى مكة المعظمة بنية زيارة البيت الأكرم وفى نفس الوقت حرصوا على أن يعقدوا روابط الاتفاق والمعاهدة مع صناديد قريش ضد قبيلة الخزرج وفعلا وجدوا كثيرين ممن يؤيدونهم، إلا أن أبا جهل اللئيم قد وصل لعلمه عقد اتفاق الأوس مع قريش فقابل أعيان قبيلة قريش الذين تعاهدوا مع الأوس فى دائرة دار الندوة وألقى فيهم هذه الكلمة التى تفتت الكبد إذ قال: كأنكم غافلون من مؤدى المثل الذى يقول: «ويل من أهل المنازل» بما أن الأوس من ذوى القدرة والنفوذ وأصحاب الثروة فإنهم سيطردونكم ويبعدونكم من مكة؛ ولا يخفى لكل من يعرف وقائع الأسلاف أن كل قوم باتوا فى بلاد قوم آخرين إلا وطردوهم من منازلهم وأخرجوهم من مأواهم، وأشار بهذه الكلمات إلى وجوب نقض المعاهدة، وقد جعلت كلمات أبى جهل القرشيين يندمون على عقد اتفاق مع الأوس ولكنهم لم تصل بهم الدناءة لارتكاب حقارة نقض المعاهدة وقالوا: «إننا قد عاهدنا الأوس! كيف نجسر على نقض عهدنا؟ هل هناك دناءة أعظم بين العرب من نقض العهد؟! وأرادوا أن