للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسكتوا أبا جهل بهذه الكلمات، إلا أن أبا جهل قال اتركوا هذه النقطة من المسألة لى أنا، وخرج من دار الندوة وتلاقى مع الأوس وقال لهم: «يا أعيان قبائل الأوس! قد عقدتم العقد والميثاق مع القرشيين، وإننى لفى شدة الأسف لعدم وجودى فى ذلك المجلس! وإذا كنت وجدت فى هذا المجلس لكنت عاهدتكم أنا أيضا، وكنت آتى لعونكم مع أبطال قريش! إذا قبلتم نعقد مقاولة أخرى لتحديد المعاهدة! أننا لا نخفى نساءنا وبناتنا عن بعض ونسمح لجوارينا بملاطفة الرجال بالسر فى أسواقنا! إذا اتفقتم معنا فى هذه الأفكار وسمحتم لنسائكم وجواريكم بملاطفتنا وملاعبتنا، فإننا نعينكم! وإذا لم توافقونا فى أفكارنا فمن العبث أن تنتظروا العون منا!!!.

وبهذه الكلمات قد كشف مسألة إباحة النساء التى كان يحترز منها أهالى المدينة، لأنه كان يعرف جيدا أن الأوس ينفرون من هذه المسألة غير المشروعة ويتجنبونها.

وصرف الأوسيون النظر عن عون القرشيين إذ فهموا أفكار أبى جهل الضارة وعادوا إلى أرض يثرب وحرصوا على عقد اتفاق مع القبائل اليهودية وأحدثوا «يوم الفجار الثانى» تلك الملحمة الكبرى.

يوم الفجار الثانى-ظهرت واقعة يوم الفجار الثانى عقب عودة الأوس إلى المدينة، وذلك عندما عرف الخزرج أن الأوس قد عقدوا الاتفاق مع «بنى قريظة، وبنى النضير» من القبائل اليهودية فأرسلوا إليهم شخصا يدعوهم إلى القتال معهم، فأجاب اليهود حتى لا تراق الدماء عبثا: «إننا لم نتفق مع الأوس ولم نفكر فى أن نتفق معهم واضعين أيدينا فى أيديهم»،وأرسلوا أربعين نفرا من اليهود رهائن حتى يطمئنوا الخزرج، ولكن بما أن قرى اليهود كانت منتظمة وفى أماكن حصينة طبيعية فإنهم طمعوا فى الحصول على قرى اليهود وأرسلوا رجلا آخر يقول لهم: «اتركوا مواقعكم ابتداء من هذا اليوم وهاجروا إلى أماكن أخرى!» وإذا رفضتم فإننا سنقتل رهائنكم فأجابهم اليهود قائلين: «إننا لا نرى

<<  <  ج: ص:  >  >>