للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومساءا وكان الأصحاب الأغنياء يمتثلون لأوامر النبى صلى الله عليه وسلم التى يطيعها العالم كله ويصحبون معهم اثنين أو ثلاثة من هؤلاء إلى منازلهم لإطعامهم كل على قدر ثروته.

وإن كان ما يرويه حضرة فضالة كافيا لإيضاح مدى فقر أصحاب الصفة وشدة جوعهم وشدة تحملهم للحاجة والفقر إلا أن أبا هريرة بما أنه كان معينا للاطلاع على أحوالهم وشئونهم من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لذا فهو يعرف أحوالهم أكثر من الأصحاب الآخرين.

يتفضل حضرة أبو هريرة قائلا: «رأيت أن بين رفقائى سبعين نفرا كانوا عراة تمام العرى إذ لم يكن معهم إزار أو رداء وإن كان بعضهم قد وجد قطعة من القماش وستروا أماكن عوراتهم إلا أن أكثرهم لم يستطيعوا العثور على قطعة قماش قديمة فغطوا أمامهم بأيديهم وستروا عوراتهم بهذا الشكل.

أقسم بالله الذى لا إله غيره-تعالى شأنه عما يقولون-إننى لم أستطع أن أتحمل يوما الجوع وأسندت بطنى على الأرض متصورا أنه يساعدنى على الصبر والتحمل ومع مرور الزمن اشتد جوعى وزاد اضطراب جسمى فالتقطت من الأرض حجرا وشددت به بطنى، كان غرضى أن أجد حلا للجوع وقد وصلت حالتى لدرجة أنى يئست من الحياة، وخرجت إلى الطريق لعلى أجد أحدا من أهل المروءة يمر من الطريق، وبعد وقت قصير ظهر الصديق الأكبر وبعده ظهر الواقف على أسرار البشر، ونظر إلى بابتسامة تبعث الحياة وأجال نظره ثم قال:

«تعال يا أبا هريرة» فمشيت خلفه ودخلت بيته بعد الاستئذان ووجد قدحا من اللبن وسأل عن الذى أتى بهذا اللبن فقيل له إن أحد خدم الحرم أهداه وقدمه، ثم توجه إلى بالحديث قائلا: «إن هذا اللبن من حق أصحاب الصفة! اذهب وائت بجميع إخوانك إلى هنا، إنكم ضيوف المسلمين الأعزاء والمحترمين؛ إنكم لا تملكون أهلا ولا عيالا ولا أموالا وليس لكم مأوى ولا مسكن!» وكان جوعى قد تجاوز حده ورأيت اللبن فى القدح قليلا ومن هنا قلت يا رسول الله كيف يشبع قدح من اللبن هؤلاء! إنهم سبعون رجلا بالتمام والكمال وأردت بهذا أن

<<  <  ج: ص:  >  >>