جمع لبنات مسجد الرسول مع أنقاض حجرات نساء النبى فى مكان واحد ثم نقلهن إلى مكان يطلق عليه حرة حيث بنى لنفسه من هذه اللبنات دارا متبركا بها.
يقول الإمام السمهودى بناء على المعلومات الموثوقة التى حصل عليها، إن الجرأة (١) التى اتصف بها الوليد فى تجديد مسجد الرسول وأظهرها وكذلك فى هدم منزل فاطمة السعيد-رضى الله عنها-آتية من أن جاسوسا قال له:«إن فى المدينة شخص مليح المنظر ملائكى الوجه ومادام هذا الشخص ساكنا فى المكان الذي فيه فلا يمكن أن تسيطر على أهل المدينة» لأن الوليد كان يرسل كل سنة جاسوسا إلى المدينة ليطلع على أطوار أهل المدينة وأعمالهم، فقال له أحد جواسيسه الذين يأتون إلى المدينة ويذهبون «يا وليد! قد اطلعت فى المدينة على شئ، ومادام هذا الشئ باقيا هناك فلن ينفذ حكمك على المدينة والأرض» وعندما استوضح الوليد الأمر أجابه قائلا: «وجدت يوما فى مسجد الرسول، هناك فى الجهة الغربية من المسجد مكانا وكان متصلا به ومستورا، وفى أوقات الصلاة ترفع ستارة ذلك المكان ويصلى من بداخله مؤتمين بالإمام، وبعد أداء الصلاة يرخون الستارة، فأثار هذا العمل فضولى فألقيت نظرة لذلك المكان الذى يشبه الفردوس فرأيت فى داخله رجلا ذا وجه ملائكى محبوبا ممدوح الأخلاق، وكان فى يده مكحلة، والأخرى مرآة، فسألت عن كنهه، فقيل لى إنه محسن بن الحسن بن على بن أبى طالب، والمكان الأنور الذى فيه داره التى انتقلت إليه من والدته وأظهروا له احترامهم، ومادام هذا الرجل فى داخل المسجد وظل منزله السعيد فى داخل المسجد كما هو الآن لا أظن أن حكمك سيسرى فى المدينة دار الميمنة».
ولما سأله الوليد قائلا «وما هو الحل والتدبير؟» أجابه «إلحاق منزل فاطمة بالمسجد بوسيلة تجديد مسجد السعادة» فأمر الوليد عمر بن عبد العزيز توا بإجراء ما يقتضى بخصوص هذا الموضوع، ولم يكن منزل حفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما-إلى تلك الواقعة قد أخذ منها وبعد أخذ عمر بن عبد العزيز دار فاطمة-رضى الله عنها-وضمها إلى ساحة مساحة المسجد النبوى استدعى
(١) قد ذكرت الأسباب التى جرأت الوليد بهذا القدر فى آخر هذه الصورة بالاستطراد.