إرادة الملك الأموى وقد استحى المحررون الخوض فى تفصيل ما ارتكب فى أثناء تلك المظالم من انتزاع الأصحاب الكرام وإباحة أعراض النساء للجنود.
وبما أن الملل الإسلامية لم ترض فى صورة عامة عن الأمويين يلزم ألا يستغرب من مثل هذه الأعمال التى صدرت منهم ولكنه من الضرورة بمكان الاستغراب مما صدر من الخلفاء العباسيين من المساوئ فى هذا السبيل، هذا هو السفاح الذى أراد أن يعلن عن سطوته الملوكية على الجميع، بعد ضعفه وعجزه اللذين قد يجران استخفاف الناس له يعذب الآلاف ويؤذى لدرجة القتل ولم ينج أهل الحجاز المباركة من هذا الظلم الذى يعد أوائل مظالم العهد العباسى، وحينما سبقت الجنود فى زمن المنصور إلى المدينة للقبض على أحد المخالفين وهو على الرضا من السادة الكرام وقد قبض عليه مع أولاده وعياله وأصحابه ومحبيه وقتلهم جميعا واحدا تلو آخر ولم يكتف بذلك بل أراق دماء كثير من آل المدينة الآمنة ودخلت هذه الحادثة ضمن الأحداث التى أبكت آل الحرمين دما بدل الدموع.
ولم يتأخر آل عباس بعد المنصور عن منافسة السادة الكرام من آل النبى صلى الله عليه وسلم والسبب الأصلى للمنافسة بينهما ما أشير إليه فى الاستطراد السابق، شرف النسب إذ حسدوا السادات الكرام الذين يعدون من آل النبى وأولاده بدون واسطة رأسا، وادعوا أنهم يتفوقون عليهم نسبا وأقبلوا كلما وجدوا فرصة على أن يعدموا السادة الكرام إما بالسم وإما بالخنق وجعلوا هذا دينهم.
ولم يكن السادات الذين اكتسبوا شهرة طيبة فى سبيل الاستشهاد من النوادر، كما أن العباسيين الذين لوثوا سمعتهم بإيقاع المظالم عليهم لم تبق أعمالهم فى حكم النوادر. وكان أحد أسباب إهانة العباسيين لآل بيت النبى قضية الاستيلاء على ما يمتلكه هؤلاء من الأملاك والأراضى حول مكة المكرمة والمدينة المنورة بمد يد الاغتصاب إليها، وبناء عليه فإن أى واحد من آل البيت يقع فى يد العباسيين الغادرة تقع أملاكه تحت يد اغتصاب غادرة، ومن هنا ساءت أحوال السادات