للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكرام يوما بعد يوم. حتى هارون الرشيد الذى اشتهر بين الخلفاء العباسيين بالقوة والعظمة والشوكة لم يخل عهده من الظلم واللوث والتحقير لمشكلة نور الإسلام، إذ قبض على الإمام موسى الكاظم فى مسجد السعادة بملابسه الليلية بكل عنف وشدة وقيد رجليه وكبل من رقبته بالسلاسل وأرسل إلى البصرة فعاقبه عيسى بن جعفر بن المنصور بإلقائه فى السجن.

وقد بعث أبو جعفر المنصور العباسى إلى المدينة فرقة عسكرية قوامها أربعة آلاف جندى تحت قيادة عمه عيسى بن موسى، وأمره بأن يقبض على النفس الزكية من أبناء على بن أبى طالب وهو محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين وجعله شهيدا مع ثلاثمائة من أشراف الحرمين وسادتهم بأن قتلهم بسيف الغدر، وضم فوق هذا الظلم تحقير الموتى بأن منع دفن هؤلاء الشهداء فى مقابر المسلمين وأمر بدفنهم فى مقابر اليهود. وكأن هذا التصرف مدادا للافتخار إذ جاء برءوس الشهداء إلى بغداد وشهر بهم بأن غرس الرءوس على رءوس الأوتاد وهذا العمل من المظالم الملعونة التى تجعل أصحاب الحمية الإسلامية يتقيئون دما، ونضيف لهذه الفاجعة أنه فى أثناء تلك الأحداث رجح بأن يقتل بعض السادة والأشراف فى بغداد بدلا من المدينة وذلك تهديدا لأهل بغداد وكان من ضمن هؤلاء والد النفس الزكية عبد الله وقد استشهد هؤلاء فى بغداد بطريقة لا تليق حتى بالمجرمين وسط‍ أذى عظيم وتعذيب شديد.

وإننا نكتفى بذكر هذه الأمثلة فيما تعرض له الحرمان الشريفان وأهاليهما وأشرافهما تحت حكم خلفاء الدولة الأموية والعباسية من الجور والظلم والتحقير، ولما كانت غايتنا الأصلية هى بيان ما قام به سلاطين آل عثمان نحو الأماكن المباركة قبلة المسلمين ونحو السادة الكرام والأشراف ذوى المقام العالى من معاملات طيبة جميلة وجليلة سنسرع فى تحويل القول إلى ذلك الوادى، ولا يظن أن الحقارة اقتصرت على ما ذكرناه، فقد اغتر بعض منهم بتمزيق القرآن وافتخر قسم منهم بمسألة خلق القرآن وهكذا كان الأمويون والعباسيون دائما فى منافسة شديدة مع آل النبى صلى الله عليه وسلم وكانوا يستفيدون من أقل شئ للإخلال-حاشا

<<  <  ج: ص:  >  >>