الخاصة داخل البيت المعظم رفع تلك المكنسة عاليا كأنه يريد أن يعلقها على تاجه وبهذا أظهر أن هذا هو شأن من يلقب بخادم الحرمين المحترمين، وأن هذا الاحترام حركة مناسبة لما أظهره أجداده الأماجد من غيرة نحو الحرمين الشريفين كما أن أولاده وأحفاده ذوى الأصول العريقة اتخذوه قدوة لهم.
ولم يسمع من أحد عن وقوع أى قدر من الجفاء والجور ولو بمقدار ذرة صغيرة سواء أكان على الحرمين المحترمين أو الأرض الحرام من قبل الأسرة العالية بعنوان السلطنة السنية بل على العكس فإن كافة آل عثمان قد بذلوا خدمات حسنة قليلة كانت أو كثيرة وهذه الأعمال تزين صفحات شكر لتاريخ المحال المقدسة، ونحن نقول إذ نذكر ببعض هذه الأعمال:
كانت عين عرفات قد سدت تقريبا سدا كليا فى عهد السلطان سليمان خان، وأوشك أهل مكة الذين تعودوا على أن يرووا ظمأهم من مائها اللذيذ على الهلاك مثل شهداء كربلاء من العطش، فتحمل ذلك السلطان الخير نفقات باهظة فطهر عين عرفات وأجراها إلى مكة المكرمة بعد تطهيرها وتوسيعها، ومن ذلك الوقت إلى زماننا هذا فالعين المذكورة هى التى تروى وتسقى مكة المكرمة ولما خربت فى الأيام الأخيرة كان تجديدها وتعميرها بصورة أفضل وتوسيعها من نصيب ملكنا السلطان عبد الحميد خان الذى مازال جالسا على الأريكة السلطانية القوية، إن هذا الماء الزلال الذى به الحياة لم يسق مكة المكرمة فقط ويرويها بل كاد أن يغرقها بفضله وهذا ما سيشهد به من رأوا العين المذكورة رؤية العين.
والحكم الذى ينطبق على عين عرفات فى مكة المكرمة هو نفس الحكم الذى ينطبق على عين الزرقاء فى المدينة المنورة، ولما كانت هذه العين أيضا على وشك الانسداد فقد طهر مجراها ووسع قدر ضعفه فى عهد السلطان عبد المجيد خان الغازى والد سلطاننا كثير المحامد.
ولم يكتب لأية دولة إسلامية القيام بمثل هذين العملين الذين قامت بهما الدولة العثمانية التى لا تنكر خدماتها فى أحباء الحرمين الشريفين ومع هذا فلما