للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير اللائق مع ذلك راجع عروة ابن الزبير قائلا له: «إننى أحترز من إحراز هذا الأمر الخطير ولكن الوليد يصر على ذلك، فما رأيك فى هذا الخصوص فأجابه عروة قائلا: «ما دام الوليد يصر كما أن مولانا يرغب فى تنفيذ أمر الوليد مع الكراهية له، يجب أن تأمر أن يكون البناء الذى سيبنى على شكل شبه مثلث ويتجه طرفها المدبب ناحية بيت السيدة فاطمة»،وكان الوليد أمر فى الرسالة التى كتبها هدم الحجرات العاليات وضم ساحاتها إلى مسجد السعادة، وقد فكر عمر بن عبد العزيز فى هذا الأمر كثيرا وفى يوم من الأيام جلس فى مكان مناسب فى حيرة واضطراب وأصدر أمره بهدم الحجرات العاليات وهدم سكان أهل المدينة وهم ينتحبون ويصيحون من الحسرة وجعلوها أثرا بعد العين وشرعوا فى وضع الأساس وفق رأى عمر بن عبد العزيز وتعريفه.

وفى أثناء هدم الجهة التى فيها المدفن الأقدس لحجرة السعادة انهارت الجهة الشامية من الجدار الذى أقامه عبد الله بن الزبير قضاء وقدرا ونتيجة لذلك سقط‍ مقدار من السور القديم الذى كانت أقامته حضرة الصديقة، ولما ظهرت فى داخل مربع قبر السعادة ثلاثة قبور قد فرش فوقها بالرمل قال عمر بن عبد العزيز، «إن هذه القبور هى قبور الرسول صلى الله عليه وسلم الذى نال حياة أبدية وأبى بكر وعمر رضى الله عنهم، يا مزاحم (١) يجب أن تسوى هذا المكان بنفسك ذاتها».ثم ظهرت عليه علامات الندامة وقال لا، لا، إننى سأسويه بنفسى وسواه بنفسه، إلا أنه فى أثناء ذلك قد سقطت الجهة الشرقية لأحد القبور وانتشرت رائحة طيبة فى شوارع دار السكينة وستر ذلك المكان بقطعة قماش وجدد ذلك المكان فى اليوم الثانى تجديدا جيدا.

قال عبد الله بن محمد: «كان جدى عقيل يذهب إلى مسجد السعادة فى الثلث الأخير من الليل وبعد أن يسلم على النبى الجليل يدخل إلى الحرم الشريف، وفى ليلة من الليالى توجه إلى مسجد السعادة وشم رائحة طيبة لم


(١) مزاحم هو عبد لعمر بن عبد العزيز.

<<  <  ج: ص:  >  >>