للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشمها طيلة عمره أمام بيت المغيرة بن شعبة رائحة تثير الأشواق وتسحر القلوب فمثل وغاب عن نفسه، وإذا بتلك الليلة كانت الليلة العجيبة التى تهدم فيها بيت عائشة-رضى الله عنها-وظهرت القبور الثلاثة المشحونة بالنور! واقترب جدى وهو مغمور بهذه الفرحة والابتهاج من مرقد السعادة ورأى أن الجدار الشرقى لمربع القبر الجليل قد انهار وأن عمر بن عبد العزيز كان منهمكا بتعليق ستارة للجهة المنهارة من مربع القبر وعرف أن الرائحة التى غمرت دار الهجرة المدينة المنورة قد انتشرت من مرقد السعادة وعندئذ عاد إلى بيته وجمعنا حوله وأخبرنا بما حدث».

واستدعى عمر بن عبد العزيز صباح الليلة التى انهار فيها جدار مربع قبر السعادة ابن الوردان (١) وأمره بأن يدخل فى داخل مربع قبر السعادة ليعاين ويتفقد الجدار المنهار، ولما بين له ابن الوردان أنه فى حاجة إلى من يعينه فى داخل المربع فشمر عمر بن عبد العزيز ساعديه وأراد أن يدخل فى داخل المربع، ولما رأى قاسم بن محمد وسالم بن عبد الله يستعدان أيضا قال لهما: «لماذا تستعدان؟» فأجاباه قائلين: «نريد أن نعين ابن الوردان».

فقال إننى أحترز أن أقلق أهل القبور بكثرة الازدحام؛ يا مزاحم ادخل بمفردك وأعن ابن الوردان وبهذا تخلى عن الدخول بنفسه وبموقفه هذا أراد أن يومئ ويشير إلى عدم جواز دخول الشخصين الذين رغبا فى الدخول فى مربع قبر السعادة. وبينما كان ابن الوردان منهمكا بإجراء اللازم بعد أن وجد أساس الجدار المنهار قد رأى فى داخل القبر الشريف الذى سقط‍ من صدمة الجدار المنهار قدمين توأمين فانسحب إلى جهة وأخذ يرتعش من الخوف والفزع وقلق، واضطرب اضطرابا شديدا.

وعندما رأى عمر بن عبد العزيز قلق ابن الوردان واضطرابه فتقدم إلى الأمام ليتحقق من الأمر فرأى فى داخل القبر الشريف الذى كان تهدم من قبل القدمين


(١) كان هذا الشخص فى ذلك الوقت رئيس المعماريين للأبنية المقدسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>