جدد مسجد قباء فى عصر السعادة فوسع طولا وعرضا بمقدار ستة وستين ذراعا وكانت ساحة المسجد طولا خمسين ذراعا وعرضا ستة وعشرين ذراعا، وأضاف عثمان بن عفان مؤخرا الجدار (١) القبلى وعند البعض إن هذه الإضافات كانت فى عهد وليد بن عبد الملك.
وعندما كان عمر بن عبد العزيز واليا على المدينة وسع مسجد قباء وزين جدرانه وسقوفه بالفسيفساء والنقوش. وأضاف إليه مئذنة وعدة عقود. وصنع سقفه من خشب الساج وترك ساحته التى فى الوسط مكشوفة.
وبما أن ما جدده عمر بن عبد العزيز أشرف على الانهيار والخراب مع مرور الزمن فجدد فى سنة ٥٥٥ هـ كما جدد عمود المحراب سالف الذكر سنة ٦٧١ هـ، كما جدد بعض جهات من سقفه سنة ٧٣٣ وفى سنة ٨٤٠ هـ الجهات الأخرى من السقف المذكور. وقد أصلح وعمّر فى سنة ٥٥٥ من قبل جمال الدين الأصفهانى ومن الناصر قلاوون المصرى سنة ٧٣٣ وفى سنة ٨٤٠ من قبل الأشرف برسباى المصرى، على قدر الإمكان.
ومال سقف المسجد ومئذنته للوقوع بفعل مرور الزمن، فبعث الأهالى فى سنة ٩٥٠ هـ إلى السلطان سليمان-طيب الله ثراه-يسترحمونه ويرجونه فأرسل المختصين فهدموا مئذنته وما خرب من سقفه وبناهما من جديد، وزين ونور داخل المسجد وخارجه بالقناديل والثريات التى أرسلت من باب السعادة كما عين للمسجد الخطباء والأئمة والمؤذنين. ودام هذا التعمير ما يقرب من ١٦٠ سنة، وبما أنه لم يعمر ولم يرمم فى هذه الفترة من قبل أحد، فأوشكت جدرانه ومئذنته على الانهيار فحرم عشاق النبى صلى الله عليه وسلم من زيارة ذلك المسجد، وبناء على هذا عرض الأمر من قبل أهالى دار السكينة، وموظفى المدينة على الأعتاب السلطانية فصدر الأمر السلطانى للقيام بما يقتضى، وأعلم بالأمر المعمار سليمان بك الذى أرسله السلطان مصطفى خان بن السلطان محمد خان لتعمير مسجد
(١) تسمى هذه الأسطوانة الأسطوانة المعلقة وليس فى جهته القبلية أسطوانة غيرها.