ومن بعده أصبح عمرو بن الحارث الغبشانى أميرا لمكة، وقد توارث أبناؤه وأحفاده الولاية الجليلة لحكومة مكة حتى مجئ خليل بن حبشة بن سلولة صهر قصى بن كلاب.
وكان بنو خزاعة من ساكنى بلدة مأرب الواقعة على بعد ثلاث مراحل من مدينة صنعاء اليمن المشهورة.
وعند ما علموا أنها ستنهار نتيجة لخرق السدود والنقب وسيهجم سيل العرم ويغرق سكان بلاد «سبأ» ويمحوهم.
ولما قضت هذه الشائعة راحة الناس وكان منهم عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان فخرج وقد أخذ معه قبيلته المنقادة له وباع أملاكه ومتاعه وأسرع يبحث عن بلدة يسكنها. وكان يقابل أهل البلاد التى يمر بها ويغلبهم، مع هذا لم يستطع التكيف والتآلف مع ماء البلاد وهوائها التى يمر بها، لهذا عزم على الذهاب إلى أرض الحجاز المقدسة بناء على ما أخبرته به كاهنة تسمى ظريفة وبعد فترة وصل إلى حدود ميقات مكة.
وفى أثناء إقامته بلغه أن قبائل الجراهمة مصرون على رأيهم بمنع غيرهم من دخول مكة، فتشاور مع حكماء القبيلة. ورأى أن يرسل برسالة إلى الجراهمة يستأذنهم فى البقاء بأرض مكة المشرفة لفترة قصيرة، ولكن الجراهمة رفضوا رجاء عمرو بن عامر. ولما بلغ قولهم إنه يتحتم عليه-فى كل الأحوال-أن يزيل خيامه من عند حدود كعبة الله، وأن يرتحلوا إلى أى بلد آخر عندئذ قال لهم عمرو بن عامر: إننى أرى البقاء فى أرض مكة بلاد قيد أو شرط،فإذا كان هذا ملائما لكم فحددوا لنا مكانا مناسبا بجانبكم نكن إخوة لكم نعاونكم وننصركم، حسبما يقتضى الأمر. أما إذا صممتم على المعارضة والرفض، فسأسلب راحتكم وأستعمل معكم أساليب العنف والسيطرة والقوة القهرية، فأخرجكم من مساكنكم وبيوتكم وأطردكم خارج الحدود، وإذا تصديتم لقتالى فسأنتصر عليكم بعون الله وسأهين رجالكم بقتلهم بالسيف وأقيد أطفالكم ونساءكم بأصفاد الأسر.