للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفينا ناسئ الشهر قلمس

والقول الأخير مصدق عند الجمهور وجدير بالقبول والشخص المدعو قلمس (١) هو الجد الخامس لجنادة بن عوف الذى أدرك عصر النبوة.

ورغم أنه يوجد من يقولون بما ذهب إليه عبد الله بن عباس وأبو هريرة رضى الله عنهما، أن من وضع العادة السيئة بتأخير حرمة شهر إلى شهر آخر، هو عمرو بن لحى بن قمعة بن خندف إلا أن المفسرين اتفقوا على صحة القول الأول ورواة القول الثانى لم يستطيعوا أن يرتقوا بقولهم إلى مرتبة الصحة والتواتر.

وقد نقلنا هذه التفصيلات التاريخية عن أهل السنة من التفسير القيم للإمام فخر الدين الرازى-عليه رحمة الله الهادى-ويقول الإمام الرازى قبل أن ينقل ويروى الأخبار والدراسات المتواترة للمفسرين إن حسابات عرب الجاهلية كانت مرتبة حسب السنة القمرية، ولهذا فإن شهور العرب فى زمن الجاهلية، كانت تعد اعتبارا من رؤية الهلال وقد اعتادوا أداء فريضة الحج فى اليوم العاشر من شهر ذى الحجة اتباعا لسنة سيدنا الخليل. وبهذا الحساب كان موسم الحج لا يتفق مع فصل بعينه كل سنة فكان أيضا يصادف أبرد أيام الشتاء وأحيانا يصادف أكثر أوقات فصل الصيف حرارة ولهذا فإن بعض المتأخرين من زمن الجاهلية لم يكونوا يجرأون على الذهاب أو المجئ إلى مكة المكرمة فى أوقات اشتداد البرودة والحرارة، وكان من يترددون عليها بسبب التجارة لا يتمكنون من البيع والشراء فى هذه الأوقات التى توافق وقت التجارة بسبب قلة عدد الحجاج.

وفى النهاية أحيل الأمر إلى مجلس قومى (٢) يتكون من ممثل لكل قبيلة لإيجاد حل مناسب لهذا الأمر. وذهبت الهيئة المذكورة إلى أن الشهور المرتبة للسنة القمرية دخل بالمصالح الدنيوية ورأوا حلول موسم الحج فى وقت معتدل ومثمر حيث تزدهر حركة البيع والشراء على الوجه المطلوب ويسهل التردد على الأسواق والملاهى التى تقام عند أطراف مكة وقالوا: فإن أضيف شهر إلى شهور


(١) اسمه حذيفة وهو ممن اشتركوا فى واقعة أصحاب الفيل.
(٢) إن إمكان إحالة رياسة هذا المجلس إلى قلمس بن عبد بن فقيم بعيد الاحتمال لذا لا يوجد بين أقوال المفسرين وبين رواية الإمام الرازى.

<<  <  ج: ص:  >  >>