للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعقب ذلك أحضرت نساء عبد مناف إناءا مملوءا بالطيب الرطب، وتركته أمام الجماعة الموجودة عند كعبة الله وتبعا لعادة الجاهلية غمس رجال الجماعة المتفقة أيديهم فى هذا الإناء ومسحوا أيديهم الملطخة بالطيب على جدران الكعبة المشرفة تأكيدا لقسمهم وأقسموا مرة أخرى على المحافظة على القرار الذى اتخذوه.

وكان قصدهم من هذا أن يؤكد كل فريق منهم للآخر ثباته على هذا فأقسم بشأن ذلك القرار المتفق عليه.

وعلى الرغم من حمل الفريقين المتفقين أسلحتهم بعد هذا القسم واستعدادهم للحرب، إلا أن زعماء القبائل قرروا فيما بينهم التوسط‍ بين أبناء عبد الدار وأبناء عبد مناف وأسفر هذا التوسط‍ عن إجبارهم على قبول ما تم الاتفاق عليه.

فانطفأت نار الحرب والقتال التى كادت أن تنشب بينهم بماء الصلح المقترح. وبهذه الصورة تم الحفاظ‍ على الاتفاق الذى تم التوصل إليه حتى عصر النبوة. انتهى.

وكان لعبد مناف ابنان آخران غير عبد المطلب، ونوفل وهما عبد شمس وهاشم، وكان لكليهما نصيب فى مناصب الرفادة والسقاية بناء على قرار القبائل الست. وكان عبد شمس شديد الفقر مع كثرة العيال وكان أخوه هاشم من الأغنياء، ولما كانت إدارة السقاية والرفادة من الأمور المرتبطة بالمال والثراء فقد أسندت كل منها إلى هاشم، فتولى مهمتهما وفق هذا القرار.

واسم هاشم الأصلى هو عمرو، وقد أطلقوا عليه هذا الاسم لأنه هو الذى ابتدع طعام الثريد فى مكة المكرمة.

وهاشم هذا هو الذى ابتدع تسيير القوافل إلى اليمن شتاء وإلى الشام صيفا للتجارة، وسارت قريش على نهجه فيما بعد لأن قريشا وإن كانت تشتغل بالتجارة قبل ذلك إلا أن تجارتهم كانت مقصورة على أطراف مكة فقط‍.

وحدث فى أثناء سفره إلى الشام أن علم القيصر حاكم الشام بأمر شرفه وحسبه وعلو قدره بين قومه فاستدعاه وأظهر له الشئ الكثير من الاحترام والاهتمام، وفى خلال حديثه معه ألمح له أنهم يأتون بأمتعة الحجاز واليمن إلى الشام فى الصيف ولما كان هذا الأمر يتطلب رخصة تتضمن عهدا بالأمان فأعطاه

<<  <  ج: ص:  >  >>