ثم أراك لا تطلب منى أن أنصرف عن هذا العمل بل تريد أن تسترجع ما نهبه جنودى من إبلك وهذا أمر لا يمكن أن يثير إلا عجبى ودهشتى.
فتلقى من عبد المطلب هذه الإجابة الحكيمة:
«لما كنت صاحب الإبل فإننى أريد أن أستردها. وللكعبة صاحب أيضا فإذا أراد سيمنعك من التسلط عليها».
واستغرق أبرهة فى تفكير عميق إذ تلقى هذا الرد ثم قال مستهزئا:«أذهب وانظر كيف سيحافظ ربك على الكعبة ضد قوتى القاهرة وسطوتى الجبارة» ثم أعاد لعبد المطلب جماله ورده معززا مكرما وبين له أنه لم يأت ليحارب أهل مكة إنما جاء لهدم الكعبة المعظمة، وتخريبها، ومن هنا ليس لأهل مكة ما يثير قلقهم أو يخوفهم.
قد رأى سكان مكة-بناء على رأى عبد المطلب-أن يخلو مكة وينسحبوا إلى الجبال وألا يحاولوا الدفاع عن مكة ولكنهم فى نفس الوقت كانوا يتمنون أن يروا المصيبة التى سوف يتعرض لها أبرهة.
قال بعض المؤرخين:«قد أخبر الجنود المكلفون بالذهاب إلى مكة أبرهة أنهم لم يوفقوا في قتل عبد المطلب بعد ما نهبوا جماله».
وقد أرسل أبرهة إلى عبد المطلب حميريا يقال له «حناطة» ليخبره بأن هدفه من المجئ إلى مكة هو هدم الكعبة وإذا كان بين الأهالى من يريد أن يدافع عن الكعبة يجب عليهم أن يستعدوا للحرب والقتال.
وكان رد عبد المطلب إننا لا نحارب إن البيت بيت الله إذا ما صانه وحفظه فهو بيته. أما إذا لم يحفظه، فليس لنا قبل للدفاع عن البيت. ثم ذهب مع «حناطة» إلى أبرهة وعند ما مثل أمامه قد نزل من سريره وأجلسه بجانبه ورحب به أعظم ترحيب وكرمه تكريما.
لو كان أبرهة رأى من عبد المطلب أدنى علامة تدل على رغبته فى عدم هدم