للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيت لتنازل عن فكرته ورجع إلى بلده لأن هيئة البيت المحتشمة وما فيه من روحانية فى طريقة وضعه وما فيه من عظمة ومهابة قد ألقى فى قلبه خوفا وخشية فوق العادة-فالأمين إبراهيم-عليه السلام-قد بناه تنفيذا لإرادة الله- سبحانه وتعالى-إلا أن عدم صدور أدنى التماس أو رجاء بخصوص عدم هدم البيت من عبد المطلب حمل أبرهة على المضى فى عزمه لأنه لم يجد سببا يثنيه عما أقدم عليه.

وبلهجة كلها ثقة رد عبد المطلب على أبرهة ردا قاطعا مما أيأسه وآنس أهل مكة ببشارة خفية، لأنه كان واثقا أن أى فرد مهما كانت قوته لن يستطيع إلحاق الخسارة ببيت الله المعظم وذلك تكريما وحرمة لخاتم الأنبياء-صلى الله عليه وسلم.

لأن النبى-صلى الله عليه وسلم-انتقل إلى رحم أمه فى الفترة التى غزا فيها أبرهة الحجاز ووصل بالقرب من مكة وبدأت تظهر علامات خارقة للعادة، كما سعد عبد المطلب بالرؤى الجميلة فى منامه، وكل هذه القرائن كانت تنم عن قرب تشريف النبى-صلى الله عليه وسلم-إلى الدنيا، ولكل هذا كان عبد المطلب يأمل ألا يستطيع أبرهة هدم كعبة الله بتخريبها، أخذ حناطة الحميرى عبد المطلب مع بعض أولاده وأتى بهم إلى خيمة أبرهة.

وعلم عبد المطلب بأن سيف ذى نفر فى السجن فالتقى معه واستمع إليه إذ يقول: يا عبد المطلب ماذا تنتظر من أسير يترقب قتله اليوم أو غدا وماذا تأمل منه، ومع هذا سايس الفيل «محمود» من أحبائه وهو شخص يسمى «أنيس» وهو من الذين يثق فيهم أبرهة ويعتمد عليهم وقد أرسلت له بأنباء. فاذهب إليه وفعلا ذهب إليه عبد المطلب وتلاقى معه.

كان النبأ الذى أرسله ذو نفر إلى أنيس (١) يشمل المعانى الآتية:


(١) قد رأت السيدة عائشة-رضى الله عنها-أنيس وسائق الفيل محمود، فى مكة يتسولان. وكما تقول المشار إليها إن كليهما كان أعمى وبما أنهما قد نبهوا أبرهة بحسن قبول عبد المطلب أنجاهما الله بما حل بجيش أبرهة وأصيبا بالعمى.

<<  <  ج: ص:  >  >>