السيل وقنوات عين زبيدة قد خربت تماما ولم تصلح للاستخدام، لذا أبلغ الأمر إلى السدة السلطانية لاستئذانه بتصليح ما خرب؛ فأرسل السلطان مدير أصطبلاته سليمان أغا ليقوم بالإشراف على التعمير وقد بادر المذكور بتطهير ساحة الحرم الشريف على الوجه المطلوب، كما أصلح مجرى السيل وقنوات عين زبيدة وعمقها وذلك فى سنة ١٠٩٢ الهجرية.
٢١ - السيل الثانى والعشرين الذى أضر أهالى مكة حدث فى سنة (١٢٧٨) وفى خلال أوائل سلطنة السلطان (عبد العزيز جعل الله مثواه الجنة). وبناء على بعض المعلومات المستقاة من مسنى مكة أن ذلك السيل كان أشد فزعا وهو لا من سيل عام (١٠١٢).
وظهر ذلك السيل بينما كان الناس نياما فى ليلة من الليالى واجتاح الحرم الشريف وأحاط بالكعبة المعظمة هائجا مثل البحر لمدة أسبوع، وظل يتموج ولا يعرف أحد عدد الغرقى من الغرباء الذين ماتوا فى فتحة باب السلام.
قد وجد فى مجرى الماء الذى يبعد عن مكة المعظمة بساعتين أو ثلاث ساعات ظهرت جثث لفترة شهرين أو ثلاثة كما أنه قد غرق فى داخل المدارس والحوانيت خلق كثير.
وقد غرق جميع المساكين الذين وجدوا على الساحة المفروشة بالرخام (١) بين بابى - باب السلام - الداخلى والخارجى، ولم يبق فرد يتنفس من الناس الذين كانوا يبيتون فى داخل دكاكينهم فى سوق المسعى الشريف، أما الأشخاص الذين كانوا يقضون ليلهم تحت قباب الحرم الشريف فقد غرق أكثرهم. إلا أن قلة منهم قد تعلقوا بما تدلى من حبال من القباب فصعدوا فوقها بعد ما لقوا فى ذلك تعبا شديدا ومشقة عظيمة حتى فازوا بالنجاة.
وبعد مضى أسبوع أخذت المياه تنحسر شيئا فشيئا، أما الناس شريفهم
(١) كان هذا المكان سوقا للكتب وكان مجلسا للغرباء والمساكين والشحاذين ليلا ونهارا.