فروة بن مجاهد قيل إنه كان من الأبدال، أسر مرة وهو في غزوة هو وجماعة معه فأتوا بهم الملك فأمر بتقييدهم وحبسهم في المكان والاحتراز عليهم إلى أن يصبح فيرى فيهم رأيه، فقال لهم فروة: هل لكم في المضي إلى بلادنا؟ فقالوا: وما ترى ما نحن فيه من الضيق؟ فلمس قيودهم بيده فزالت عنهم، ثم أتى باب السجن فلمسه بيده فانفتح، فخرجوا منه ومضوا، فأدركوا جيش المسلمين قبل وصولهم إلى البلد.
أبو الشعثاء جابر بن زيد كان لا يماكس في ثلاث، في الكرى إلى مكة، وفي الرقبة يشتريها لتعتق، وفي الأضحية.
وقال: لا تماكس في شئ يتقرب به إلى الله.
وقال ابن سيرين: كان أبو الشعثاء مسلما عبد الدينار والدرهم، قلت، كما قيل: - إني رأيت فلا تظنوا غيره * أن التورع عند هذا الدرهم فإذا قدرت عليه ثم تركه * فاعلم بأن تقاك تقوى المسلم وقال أبو الشعثاء: لأن أتصدق بدرهم على يتيم ومسكين أحب إلى من حجة بعد حجة الإسلام.
كان أبو الشعثاء مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، وكان يفتي في البصرة، وكان الصحابة مثل جابر بن عبد الله إذا سأله أهل البصرة عن مسألة يقول: كيف تسألونا وفيكم أبو الشعثاء؟ وقال له جابر بن عبد الله: يا بن زيد إنك من فقهاء البصرة وإنك ستستفتى فلا تفتين إلا بقرآن ناطق أو سنة ماضية، فإنك إن فعلت غير ذلك فقد هلكت وأهلكت.
وقال عمرو بن دينار: ما رأيت أحداً أعلم بفتيا من جابر بن زيد.
وقال إياس بن معاوية: أدركت أهل البصرة ومفتيهم جابر بن زيد من أهل عمان.
وقال قتادة لما دفن جابر بن زيد: اليوم دفن أعلم أهل الأرض.
وَقَالَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قال أبو الشعثاء: كتب الحكم بن أيوب نفراً للقضاء أنا أحدهم - أي عمرو - فلو أني ابتليت بشئ منه لركبت راحلتي وهربت من الأرض.
وقال أبو الشعثاء: نظرت في أعمال البر فإذا
الصلاة تجهد البدن ولا تجهد المال، والصيام مثل ذلك، والحج يجهد المال والبدن، فرأيت أن الحج أفضل من ذلك.
وأخذ مرة قبضة تراب من حائط، فلما أصبح رماها في الحائط، وكان الحائط لقوم قالوا: لو كان كلَّما مرَّ به أخذ منه قبضة لم يبق منه شئ.
وقال أبو الشعثاء: إذا جئت يوم الجمعة إلى المسجد فقف على الباب وقل: اللهم اجعلني اليوم أوجه من توجه إليك، وأقرب من تقرب إليك، وأنجح من دعاك ورغب إليك.
وقال سيار: حدثنا حماد بن زيد ثنا الحجاج بن أبي عيينة.
قال: كان جابر بن زيد يأتينا في مصلانا، قال: فأتانا ذات يوم وعليه نعلان خلقان، فقال: مضى من