يَلْبُغَا الْخَاصِّكِيُّ، وَقُضَاةُ مِصْرَ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَوَزِيرُهَا فَخْرُ الدِّينِ بْنُ قزوينة، وَنَائِبُ دِمَشْقَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ مَنْكَلِي بُغَا الشَّمْسِيُّ، وَهُوَ مَشْكُورِ السِّيرَةِ، وَقُضَاتُهَا هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَنَاظِرُ الدَّوَاوِينِ بِهَا الصَّاحِبُ سَعْدُ الدِّينِ مَاجِدٌ، وَنَاظِرُ الْجَيْشِ عَلَمُ الدِّينِ دَاوُدُ، وَكَاتِبُ السِّرِّ الْقَاضِي فَتْحُ الدِّينِ بْنُ الشَّهِيدِ، وَوَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ بْنُ الرَّهَاوِيِّ.
اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَدَاءُ الْفَنَاءِ مَوْجُودٌ فِي النَّاسِ، إِلَّا أَنَّهُ خَفَّ وَقَلَّ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ تَوَجَّهَ قاضي القضاة - وكان بهاء الدين أبو الْبَقَاءِ السُّبْكِيَّ - إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مَطْلُوبًا مِنْ جِهَةِ الْأَمِيرِ يَلْبُغَا وَفِي الْكِتَابِ إِجَابَتُهُ لَهُ إلى مسائل، وَتَوَجَّهَ بَعْدَهُ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجُ الدِّينِ الْحَاكِمُ بِدِمَشْقَ وَخَطِيبُهَا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، عَلَى خَيْلِ الْبَرِيدِ وَتَوَجَّهَ بَعْدَهُمَا الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ الْحَنْبَلِيُّ، مَطْلُوبًا إلى الديار المصرية، وكذلك توجه الشيخ زين الدِّينِ الْمَنْفَلُوطِيُّ مَطْلُوبًا.
وَتُوُفِّيَ فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ مِنَ الْمُحَرَّمِ صَاحَبُنَا الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْعَطَّارِ الشَّافِعِيُّ، كَانَ لَدَيْهِ فَضِيلَةٌ وَاشْتِغَالٌ، وَلَهُ فهم، وعلق بخطه فوئد جَيِّدَةً، وَكَانَ إِمَامًا بِالسِّجْنِ مَنَّ مَشْهَدِ عَلِيِّ ابن الْحُسَيْنِ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَمُصَدَّرًا بِالْجَامِعِ، وَفَقِيهًا بِالْمَدَارِسِ، وله مدرسة الْحَدِيثِ الْوَادِعِيَّةِ، وَجَاوَزَ الْخَمْسِينَ بِسَنَوَاتٍ، وَلَمْ يَتَزَوَّجْ قط.
وقدم الركب الشامي إلى دمشق في اليوم الرَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَهُمْ شَاكِرُونَ مُثْنُونَ في كل خير بهذه السَّنَةِ أَمْنًا وَرُخْصًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ حَادِيَ عَشَرَ صَفَرٍ دَرَسَ بِالْمَدْرَسَةِ الْفَتْحِيَّةِ صَاحِبُنَا الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيفَةَ الشَّافِعِيُّ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْفُضَلَاءِ، وَأَخَذَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثني عَشَرَ شَهْرًا) [التوبة: ٣٦] .
وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ خَامِسَ عَشَرَهُ نُودِيَ فِي الْبَلَدِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ بِإِلْزَامِهِمْ بِالصِّغَارِ وَتَصْغِيرِ الْعَمَائِمِ، وَأَنْ لَا يُسْتَخْدَمُوا في شئ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَأَنْ لَا يَرْكَبُوا الْخَيْلَ وَلَا الْبِغَالَ، وَيَرْكَبُونَ
الْحَمِيرَ بِالْأَكُفِّ بِالْعَرْضِ، وَأَنْ يَكُونَ في رقابهم ورقاب نسائهم في الحمامات أجراس، وَأَنْ يَكُونَ أَحَدُ النَّعْلَيْنِ أَسْوَدَ مُخَالِفًا لِلَوْنِ الأخرى، ففرح بذلك المسلمون وعدوا لِلْآمِرِ بِذَلِكَ وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ ثَالِثِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قَدِمَ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجُ الدِّينِ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مُسْتَمِرًّا عَلَى الْقَضَاءِ وَالْخَطَابَةِ، فَتَلَقَّاهُ الناس وهنأوه بِالْعَوْدِ وَالسَّلَامَةِ.
وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَابِعِهِ لَبِسَ الْقَاضِي الصَّاحِبُ الْبَهْنَسِيُّ الْخِلْعَةَ لِنَظْرِ الدَّوَاوِينِ بِدِمَشْقَ، وَهَنَّأَهُ النَّاسُ، وَبَاشَرَ بِصَرَامَةٍ وَاسْتَعْمَلَ فِي غَالِبِ الجهات من أبناء السبيل.
وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ حَادِيَ عَشَرَهُ رَكِبَ قَاضِي الْقُضَاةِ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ عَلَى خيل البريد