للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا يَكْرَهَ مِنْهُمْ، وَعَرَّفَهُ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ التَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ، وَيَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يُودِعَ قُلُوبَهُمْ مِنَ الرَّهْبَةِ، وَمَا يَخِفُّونَ بِهِ إِلَى الطَّاعَةِ. وَدَعَا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِهِ كَانَ يَأْنَسُ بِهِ، فَقَالَ لَهُ: انْطَلِقْ بِهَذَا الْكِتَابِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلا يَصِلَنَّ مِنْ يَدِكَ إِلا إِلَى يَدِهِ، فَإِذَا قَبَضَهُ فَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ. فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ، وَجَعَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ كُلَّمَا شَكَّ فِي شَيْءٍ اسْتَفْهَمَهُ، فَوَجَدَهُ أَبْلَغَ مِنَ الْكِتَابِ، فَقَالَ عبد الملك:

وإن عرارا إن يكن غير واضح ... فإني أُحِبُّ الْجَوْنَ ذَا الْمَنْكِبِ الْعَمَمْ

فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتَدْرِي مَنْ يُخَاطِبُكَ؟ قَالَ: لا.

فَقَالَ: أَنَا وَاللَّهِ عِرَارٌ، وَهَذَا الشِّعْرُ لأَبِي، وَذَلِكَ أَنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَأَنَا مُرْضَعٌ، فَتَزَوَّجَ أَبِي امْرَأَةً، فَكَانَتْ تُسِيءُ وِلايَتِي، فقال أبى:

فإن كنت مني أو تريدين صحبتي ... فكوني لَهُ كَالسَّمْنِ رُبَّتْ لَهُ [١] الأَدَمْ

وَإِلا فَسِيرِي سَيْرَ رَاكِبِ نَاقَةٍ ... تَيَمَّمَ غَيْثًا [٢] لَيْسَ فِي سَيْرِهِ أَمَمْ

أَرَادَتْ عِرَارًا بِالْهَوَانِ وَمَنْ يُرِدْ ... عِرَارًا لَعَمْرِي بِالْهَوَانِ لَقَدْ ظُلِمْ

وَإِنَّ عِرَارًا إن يكن غير واضح ... فإني أحب الجون ذَا الْمَنْطِقِ الْعَمَمْ

وعمرو بْن شأس هُوَ القائل:

إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا ... كفى لمطايانا بوجهك هاديا

أليس تريد [٣] العيس خفة أذرعٍ ... وإن كنّ حسرى [٤] أن تكون أماميا


[١] في س: به.
[٢] في س: خبتا.
[٣] في س: يزيد.
[٤] في ى: جسرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>