للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُسِرَ مِنْهُمْ، وَكَانُوا قَدْ شَدُّوا وَثَاقَهُ، فَسَهِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَلَمْ يَنَمْ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: مَا أَسْهَرَكَ [١] يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ فَقَالَ: أَسْهَرُ لأَنِينِ الْعَبَّاسِ. فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَأَرْخَى مِنْ وَثَاقِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:

ما لي لا أَسْمَعُ أَنِينَ الْعَبَّاسِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أَرْخَيْتُ مِنْ وَثَاقِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَافْعَلْ ذَلِكَ بِالأَسْرَى كُلِّهِمْ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: أَسْلَمَ الْعَبَّاسُ قَبْلَ فَتْحِ خَيْبَرَ، وَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلامَهُ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ عِلاطٍ أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا يَسُرُّهُ مَا يَفْتَحُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ أَظْهَرَ إِسْلامَهُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَشَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ وَتَبُوكَ.

وقيل: إن إسلامه قبل بدر، وكان رضى الله عنه يكتب بأخبار المشركين إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، وكان المسلمون ينقوّون به بمكة، وكان يحب أن يقدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مقامك بمكة خير، فلذلك قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر:

من لقي منكم العباس فلا يقتله، فإنه إنما أخرج كارها. وكان العباس أنصر الناس لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أبى طالب، وحضر مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العقبة يشترط له على الأنصار، وكان على دين قومه يومئذ، وأخرج إلى بدر مكرها فيما زعم قوم، وفدى يومئذ عقيلا ونوفلا ابني أخويه أبى طالب والحارث من ماله، وولى السقاية بعد أبي طالب وقام بها، وانهزم الناس عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم حنين غيره وغير عمر،


[١] في س: ما يسهرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>