للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجَدْتَ لا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ. قَالَ: وعاش النابغة بدعوة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أتت عَلَيْهِ. مائة واثنتا عشرة سنة، فَقَالَ فِي ذلك:

أتت مائة لعام ولدت فيه ... وعشر بعد ذلك واثنتان [١]

وقد أبقت صروف الدهر مني ... كما أبقت من الذكر اليماني

ألا زعمت بنو سعد بأني ... وما كذبوا كبير السن فاني

قَالَ أَبُو عُمَرَ: قد روينا هَذَا الخبر من وجوه كثيرة عَنِ النابغة الجعدي من طريق يَعْلَى بْن الأشدق وغيره، وليس فِي شيء منها من الأبيات مَا فِي هذه الرواية، وهذه أتمّها وأحسنها سياقة، إلا أنّ في رواية يعلى بن الأشدق وعبد الله ابن جراد أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أجدت لا يفضض اللَّه فاك. وليس فِي هذه الرواية «أجدت» . وما أظن النابغة إلا وقد أنشد الشعر كله رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي قصيدة طويلة نحو مائتي بيت أولها:

خليلي غضا ساعة وتهجرا ... ولو مَا عَلَى مَا أحدث الدهر أَوْ ذرا

وقد ذكرت منها ما أنشده أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عبد السلام الخشني، عَنْ أبي الفضل الرياشي رحمة اللَّه عليهما فِي آخر باب النابغة هَذَا من هَذَا الكتاب، وَهُوَ من أحسن مَا قيل من الشعر فِي الفخر بالشجاعة سباطة ونقاوة وجزالة وحلاوة، وفي هَذَا الشعر مما أنشده رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى ... ويتلو كتابا كالمجرّة نيّرا

وجاهدت حتى ما أحسن ومن معى ... سهيلا إذا مَا لاح ثم تحورا [٢]

أقيم عَلَى التقوى وأرضى بفعلها ... وكنت من النار المخوفة أحذرا [٣]


[١] في المهذب: وحجتان.
[٢] في أ: ثم تغورا. وفي مهذب الأغاني: ثمت غورا.
[٣] في مهذب الأغاني: أوجرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>