للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا ابْن أخي الأصمعي، عَنْ عمه، قَالَ: أسلم أَبُو خراش وحسن إسلامه، ثم أتاه نفر من أهل اليمن قدموا حجاجًا، والماء منهم غير بعيد، فَقَالَ: يَا بني عمي، مَا أمسى عندنا ماء، ولكن هذه برمة وشاة فردوا الماء، وكلوا شاتكم، ثم دعوا برمتنا وقربتنا عَلَى الماء حَتَّى نأخذها، فَقَالُوا: لا والله، مَا نحن سائرين فِي ليلتنا هذه، وما نحن ببارحين حيث أمسينا. فلما رأى ذلك أَبُو خراش أخذ قربة وسعى نحو الماء تحت الليل حَتَّى استقى، ثم أقبل صادرًا فنهشته حية قبل أن يصل إليهم، فأقبل مسرعًا حَتَّى أعطاهم الماء، وَقَالَ: اطبخوا شاتكم، وكلوا، ولم يعلمهم مَا أصابه، فباتوا عَلَى شاتهم يأكلون حَتَّى أصبحوا، وأصبح أَبُو خراش وَهُوَ فِي الموتى، فلم يبرحوا حَتَّى دفنوه. وقال- وهو يموت في شعر له [١] :

لقد أهلكت حية بطن [٢] واد ... عَلَى الإخوان ساقًا ذات فضل

فما تركت عدوًا بين بصرى ... إِلَى صنعاء يطلبه بذحل [٣]

فبلغ خبره عُمَر بْن الْخَطَّابِ، فغضب غضبًا شديدًا، وَقَالَ: لولا أن تكون سنة لأمرت ألا يضاف يمان أبدًا، ولكتبت بذلك إِلَى الآفاق. ثم كتب إِلَى عامله باليمن بأن يأخذ النفر الذين نزلوا على أبى خراش الهذلي فيلزمهم ديته ويؤذيهم بعد ذلك بعقوبة يمسهم بها جزاء لفعلهم.

(٢٩٢٩) أَبُو خزامة.

اسمه رفاعة بْن عرابة. ويقال: ابْن عرادة العذري من بني عذرة بْن سعد بْن زيد بْن ليث بْن سود بْن أسلم بْن الحاف بْن قضاعة. ويقال فيه الجهني، وَهُوَ بالجهني أشهر وجهينة أخو عذرة، كَانَ يسكن الحباب [٤] ، وهي أرض عذرة، له صحبة، عداده فِي أهل الحجاز. روى عنه عطاء بن يسار.


[١] صفحة ١٧١ من أشعار الهذليين، وللبيتين رواية أخرى. والرواية التي هنا تتفق مع رواية ياقوت للأبيات مع اختلاف يسير.
[٢] في أشعار الهزليين: بطن أنف
[٣] في ى: بدخل. والمثبت في ياقوت.
[٤] هكذا في د. وفي الطبقات: الجناب.

<<  <  ج: ص:  >  >>