كان رسول الله ﷺ تحب أسامة ويحب أن يثني الناس عليه خيرا إذا بعثه بعثا، وكان مع ذلك يسأل عنه، فلما قتل هذا المسلم مرداسا لم تكتم السرية ذلك عن رسول ﷺ، فلما أعلنوه بذلك رفع رسول الله ﷺ رأسه إلى أسامة، فقال له: كيف أنت ولا إله إلا الله! فقال: يا رسول الله، إنما قالها متعوذا. فقال رسول الله ﷺ: هلا شققت عن قلبه، فنظرت إليه، فأنزل الله هذه الآية، وأخبر أنه إنما قتله من أجل عرض الدنيا: غنيمته، وجمله، فحلف أسامة ألا يقاتل رجلا يقول: لا إله إلا الله أبدا. هذا في تفسير السدي، وتفسير ابن جريج، عن عكرمة. وفي تفسير سعيد عن قتادة وقاله غيرهم أيضا. ولم يختلفوا في أن المقتول يومئذ الذي ألقى إليه السلام، وقال: إني مؤمن - رجل يسمى مرداسا، واختلفوا في قاتله، وفي أمير تلك السرية اختلافا كثيرا، وقد ذكرنا جملته في باب محكم بن جثامة من هذا الكتاب (١).
[باب مروان]
[(٢٣٧٠) مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي]
يكنى أبا عبد الملك. ولد على عهد رسول ﷺ سنة اثنتين من الهجرة. وقيل: عام الخندق. وقال مالك: ولد مروان بن الحكم يوم أحد. وقال غيره: ولد مروان بمكة. ويقال: ولد بالطائف، فعلى قول مالك توفى رسول الله ﷺ وهو ابن ثمان سنين أو نحوها، ولم يره لأنه خرج إلى الطائف طفلا لا يعقل، وذلك أن رسول الله ﷺ كان قد نفى أباه الحكم إليها، فلم يزل بها حتى ولى عثمان بن عفان، فرده عثمان، فقدم المدينة هو وولده في خلافة عثمان، وتوفى أبوه فاستكتبه عثمان، وكتب له،
(١) سيأتي على حسب الترتيب الجديد للكتاب في الأفراد.