للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهل من خالدٍ إما هلكنا ... وهل بالموت يَا للناس عار

وروى مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن الحكم قَالَ: سمعت الشافعي يَقُول: لما ثقل مُعَاوِيَة كَانَ يَزِيد غائبا، فكتب إِلَيْهِ بحاله، فلما أتاه الرسول أنشأ يَقُول:

جاء البريد بقرطاسٍ يحث بِهِ ... فأوجس القلب من قرطاسه فزعا

قلنا لك الويل ماذا فِي صحيفتكم؟ ... قالوا: الخليفة أمسى مثبتا وجعا

فمادت الأرض أو كادت [١] تميد بنا ... كأن ثهلان من أركانه انقلعا [٢]

أودى ابْن هند وأوى المجد يتبعه ... كانا جميعا فظلا يسريان معا

لا يرقع [٣] الناس مَا أوهى وإن جهدوا ... أن يرقعوه ولا يوهون مَا رقعا

أغر أبلج يستسقى الغمام بِهِ ... لو قارع الناس عَنْ أحلامهم قرعا

قال الشافعي: البيتان الأخيران للأعشى فلما وصل إِلَيْهِ وجده مغمورا، فأنشأ يقول:

لو عاش حىّ على الدنيا لعاش إما ... م الناس لا عاجز ولا وكل

الحول القلب الأريب ولن ... يدفع وقت المنية الحيل

فأفاق مُعَاوِيَة، وَقَالَ: يَا بني، إِنِّي صحبت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فخرج لحاجةٍ فاتبعته بإداوة، فكساني أحد ثوبيه الَّذِي كَانَ على جلده، فخبأته لهذا اليوم، وأخذ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أظفاره وشعره ذات يَوْم، فأخذته وخبأته لهذا اليوم، فإذا أنا مت فاجعل ذَلِكَ القميص دون كفني مما يلي جلدي، وخذ ذَلِكَ الشعر والأظفار فاجعله فِي فمي، وعلى عيني ومواضع السجود مني، فإن نفع شيء فذاك، وإلا فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ. ٢: ١٩٢ وَقَالَ ابْن بكير، عَنِ اللَّيْث: توفي مُعَاوِيَة فِي رجب لأربع ليال بقين منه


[١] في ى: إذ كانت.
[٢] في ى: انقطعا.
[٣] في ى: لا ترفع.. أن رفعوه.. مارضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>