صاحبه عن شيء، حتى إذا كان اليوم الثالث فعل مثل ذلك فأقامه علي معه، ثم قال له: ألا تحدثنى ما الذي أقدمك هذا البلد؟ قال: إن أعطيتنى عهدا وميثاقا لترشدنى فعلت. ففعل، فأخبره علي ﵁ أنه نبي وأن ما جاء به حق، وأنه رسول الله ﷺ، فإذا أصبحت فاتبعنى، فإني إن رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأنى أريق الماء، فإن مضيت فاتبعنى، حتى تدخل معى مدخلي. قال: فانطلقت أقفوه حتى دخل على رسول الله ﷺ، ودخلت معه، وحييت رسول الله ﷺ بتحية الإسلام، فقلت: السلام عليك يا رسول الله، فكنت أول من حياه بتحية الإسلام. فقال: وعليك السلام، من أنت؟ قلت: رجل من بنى غفار. فعرض علي الإسلام فأسلمت، وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فقال لي رسول الله ﷺ: ارجع إلى قومك فأخبرهم، واكتم أمرك عن أهل مكة، فإني أخشاهم عليك. فقلت: والذي نفسي بيده لأصوتن بها بين ظهرانيهم.
فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله. فثار القوم إليه فضربوه حتى أضجعوه، وأتى العباس فأكب عليه وقال: ويلكم، ألستم تعلمون أنه من غفار، وأن طريق تجارتكم إلى الشام عليهم، وأنقذه منهم، ثم عاد من الغد إلى مثلها، وثاروا إليه فضربوه، فأكب عليه العباس فأنقذه ثم لحق بقومه، فكان هذا أول إسلام أبى ذر رضي الله تعالى عنه.
وأخبرنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا محمد بن بكر، قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا محمد بن سلمة المرادي، قال. حدثنا ابن وهب، قال: حدثني الليث.