للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولما حضرته الوفاة قال: اللهم إنك أمرتنى فلم آتمر، وزجرتني فلم أنزجر، ووضع يده في موضع الغل، وقال: اللهم لا قوى فأنتصر، ولا بريء فأعتذر، ولا مستكبر بل مستغفر، لا إله إلا أنت. فلم يزل يرددها حتى مات.

حدثنا خلف بن القاسم، حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا الطحاوي، حدثنا المزني، قال: سمعت الشافعي يقول: دخل ابن عباس على عمرو بن العاص في مرضه فسلم عليه، وقال: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال:

أصلحت من دنياي قليلا، وأفسدت من ديني كثيرا، فلو كان الذي أصلحت هو الذي أفسدت، والذي أفسدت هو الذي أصلحت لفزت، ولو كان ينفعني أن أطلب، طلبت، ولو كان ينجيني أن أهرب هربت، فصرت كالمنجنيق بين السماء والأرض. لا أرقى بيدين، ولا أهبط برجلين، فعظني بعظة أنتفع بها يا بن أخى. فقال له ابن عباس: هيهات يا أبا عبد الله! صار ابن أخيك أخاك، ولا نشاء أن أبكي (١) إلا بكيت، كيف يؤمن (٢) برحيل من هو مقيم؟ فقال عمرو: على حينها من حين ابن بضع وثمانين سنة، تقنطني من رحمة ربى، اللهم إن ابن عباس يقنطني من رحمتك، فخذ منى حتى ترضى. قال ابن عباس: هيهات يا أبا عبد الله! أخذت جديدا، وتعطى خلقا. فقال عمرو: ما لي ولك يا بن عباس! ما أرسل كلمة إلا أرسلت نقيضها.


(١) في س: ولا تشاء أن تبكى.
(٢) في س: يؤمر،