للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بلغنا أن رسول الله عليل، فاستشعرت حزنا وبت بأطول ليلة لا ينجاب ديجورها (١)، ولا يطلع نورها، فظللت أقاسى طولها حتى إذا كان قرب السحر أغفيت، فهتف بى هاتف، وهو يقول:

خطب أجل أناخ بالإسلام … بين النخيل ومعقد الآطام

قبض النبي محمد فعيوننا … تذري الدموع عليه بالتسجام

قال أبو ذؤيب: فوثبت من نومي فزعا، فنظرت إلى السماء، فلم أر إلا سعد الذابح، فتفاءلت به ذبحا يقع في العرب، وعلمت أن النبي قد قبض، وهو ميت من علته، فركبت ناقتي وسرت. فلما أصبحت طلبت شيئا أزجر به، فعن شيهم - يعنى القنفذ، وقد قبض على صل - يعني الحية - فهي تلتوى عليه، والشيهم يقضمها حتى أكلها، فزجرت ذلك، فقلت: الشيهم شيء مهم، والتواء الصل التواء الناس عن الحق على القائم بعد رسول الله ، ثم أولت أكل الشيهم إياها غلبة (٢) القائم بعده على الأمر، فحثثت ناقتي، حتى إذا كنت بالغابة فزجرت الطائر، فأخبرني بوفاته، ونعب غراب سانح، فنطق بمثل ذلك، فتعوذت بالله من شر ما عن لي في طريقي، وقدمت المدينة ولها ضجيج بالبكاء كضجيج الحاج إذا أهلوا بالإحرام. فقلت: مه قالوا:

قبض رسول الله ، فجئت إلى المسجد فوجدته خاليا، فأتيت بيت رسول الله ، فأصبت بابه مرتجا، وقيل: هو مسجى، وقد خلا به أهله. فقلت: أين الناس؟ فقيل: في سقيفة بنى ساعدة، صاروا إلى الأنصار. فجئت إلى السقيفة فأصبت أبا بكر، وعمر، وأبا عبيدة بن الجراح، وسالما، وجماعة من قريش، ورأيت الأنصار فيهم: سعد بن عبادة بن دليم،


(١) الديجور: الظلام.
(٢) في ى: وغلبة.