وفيهم شعراء، وهم حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وملأ منهم، فآويت إلى قريش. وتكلمت الأنصار فأطالوا الخطاب، وأكثروا الصواب، وتكلم أبو بكر فلله دره من رجل لا يطيل الكلام، ويعلم مواضع فصل الخصام، والله لقد تكلم بكلام لا يسمعه سامع إلا انقاد له ومال إليه. ثم تكلم عمر بعده بدون كلامه، ومد يده فبايعه وبايعوه ورجع أبو بكر ورجعت معه. قال أبو ذؤيب:
فشهدت الصلاة على محمد ﷺ، وشهدت دفنه ﷺ.
ثم أنشد أبو ذؤيب يبكى النبي ﷺ(١):
لما رأيت الناس في عسلاتهم … ما بين ملحود له ومضرح
متبادرين لشرجع بأكفهم … نص الرقاب لفقد أبيض أروح
فهناك صرت إلى الهموم ومن يبت … جارَ الهمومِ يبيت غير مروح
كسفت لمصرعه النجوم وبدرها … وتزعزعت آطام بطن الأبطح
وتزعزعت أجبال يثرب كلها … ونخيلها لحلول خطب مفدح
ولقد زجرت الطير قبل وفاته … بمصابه وزجرت سعد الأذبح
وزجرت أن نعب المشحج سانحا … متفائلا فيه بفأل الأقبح
قال: ثم انصرف أبو ذؤيب إلى باديته، فأقام بها. وتوفى أبو ذؤيب في خلافة عثمان بن عفان بطريق مكة قريبا منها، ودفنه ابن الزبير. وغزا أبو ذؤيب مع عبد الله بن الزبير إفريقية ومدحه. وقيل: إنه مات في غزوة إفريقية بمصر منصرفا بالفتح مع ابن الزبير، فدفنه ابن الزبير ونفذ بالفتح وحده.
وقيل: إن أبا ذؤيب مات غازيا بأرض الروم، ودفن هناك، وإنه لا يعلم لأحد من المسلمين قبر وراء قبره وكان عمر قد ندبه إلى الجهاد، فلم يزل مجاهدا حتى