زينب بنت رسول الله ﷺ إذ مشى إليه مشركو قريش في ذلك، فشكر له رسول الله ﷺ مصاهرته، وأثنى عليه بذلك خيرا، وهاجرت زينب مسلمة ﵂ وتركته على شركه، فلم يزل كذلك مقيما على الشرك حتى كان قبل الفتح، فخرج بتجارة إلى الشام، ومعه أموال من أموال قريش، فلما انصرف قافلا لقيته سرية لرسول الله ﷺ أميرهم زيد بن حارثة ﵁. وكان أبو العاص في جماعة عير، وكان زيد في نحو سبعين ومائة راكب، فأخذوا ما في تلك العير من الأثقال، وأسروا ناسا منهم، وأفلتهم أبو العاص هربا.
وقيل: إن رسول الله ﷺ بعث زيدا في تلك السرية قاصدا للعير التي كان فيها أبو العاص، فلما قدمت السرية بما أصابوا أقبل أبو العاص في الليل حتى دخل على زينب ﵂، فاستجار بها فأجارته. فلما خرج رسول الله ﷺ إلى الصبح، وكبر وكبر الناس معه، صرخت زينب ﵂: أيها الناس، إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع فلما سلم رسول الله ﷺ من الصلاة أقبل على الناس، فقال: هل سمعتم ما سمعت؟ فقالوا: نعم. قال: أما والذي نفسي بيده ما علمت بشيء كان حتى سمعت منه ما سمعتم، إنه يجير على المسلمين أدناهم ثم انصرف رسول الله ﷺ، فدخل على ابنته، فقال: أي بنيه، أكرمى مثواه، ولا يخلصن إليك، فإنك لا تحلين له. فقالت: إنه جاء في طلب ماله. فخرج رسول الله ﷺ، وبعث في تلك السرية، فاجتمعوا إليه، فقال لهم: إن هذا الرجل منا بحيث علمتم، وقد أصبتم له مالا، وهو مما أفاءه الله ﷿ عليكم، وأنا أحب أن تحسنوا وتردوا إليه ماله الذي له، وإن أبيتم فأنتم أحق به. قالوا: