وذكر المدائني عن شيوخه عن أبى نضرة العبدي، وابن شهاب الزهري وأبي بكر الهذلي، وعامر بن حفص، وبعضهم يزيد على بعض: أن عثمان بن حنيف لما كتب الكتاب بالصلح بينه وبين الزبير، وطلحة، وعائشة أن يكفوا عن الحرب، ويبقى هو في دار الإمارة خليفة لعلى على حاله حتى يقدم على ﵁ فيرون رأيهم قال عثمان بن حنيف لأصحابه: أرجعوا وضعوا سلاحكم.
فلما كان بعد أيام جاء عبد الله بن الزبير في ليلة ذات ريح وظلمة وبرد شديد، ومعه جماعة من عسكرهم، فطرقوا عثمان بن حنيف في دار الإمارة فأخذوه، ثم انتهوا به إلى بيت المال فوجدوا أناسا من الزط يحرسونه، فقتلوا منهم أربعين رجلا، وأرسلوا بما فعلوه من أخذ عثمان وأخذ ما في بيت المال إلى عائشة يستشيرونها في عثمان، وكان الرسول إليها أبان بن عثمان.
فقالت عائشة: اقتلوا عثمان بن حنيف.
فقالت لها امرأة: ناشدتك الله يا أم المؤمنين في عثمان بن حنيف وصحبته لرسول الله ﷺ! فقالت: ردوا أبانا، فردوه، فقالت:
احبسوه ولا تقتلوه. فقال أبان: لو أعلم أنك رددتني لهذا لم أرجع، وجاء فأخبرهم. فقال لهم مجاشع بن مسعود: اضربوه وانتفوا شعر لحيته. فضربوه أربعين سوطا ونتفوا شعر لحيته وحاجبه وأشفار عينه، فلما كانت الليلة التي اخذ فيها عثمان بن حنيف غدا عبد الله بن الزبير إلى الزابوقة، ومدينة الرزق وفيها طعام يرزقونه الناس، فأراد أن يرزقه أصحابه، وبلغ حكيم ابن جبلة ما صنع بعثمان بن حنيف فقال: لست أخاه إن لم أنصره. فجاء في سبعمائة من عبد القيس وبكر بن وائل، وأكثرهم عبد القيس، فأتى ابن الزبير في مدينة الرزق، فقال: مالك يا حكيم؟ قال: تريد أن نرزق