للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي حديث أبي بكرة في ذلك: وإنه ريحانتي من الدنيا. ولا أسود ممن سماه رسول الله سيدا، وكان حليما ورعا فاضلا، دعاه ورعه وفضله إلى أن ترك الملك والدنيا رغبة فيما عند الله

وقال:

والله ما أحببت منذ علمت ما ينفعني وما يضرني أن إلي أمر أمة محمد على أن يهراق في ذلك محجمة دم.

وكان من المبادرين إلى نصرة عثمان والذابين عنه، ولما قتل أبوه على بايعه أكثر من أربعين ألفا، كلهم قد كانوا بايعوا أباه عليا قبل موته على الموت، وكانوا أطوع للحسن وأحب فيه منهم في أبيه، فبقي نحوا من أربعة أشهر خليفة بالعراق وما وراءها (١) من خراسان، ثم سار إلى معاوية، وسار معاوية إليه، فلما تراءى الجمعان، وذلك بموضع يقال له مسكن من أرض السواد بناحية الأنبار علم أنه لن تغلب إحدى الفئتين حتى تذهب أكثر الأخرى، فكتب إلى معاوية يخبره أنه يصير الأمر إليه على أن يشترط عليه ألا يطلب أحدا من أهل المدينة والحجاز ولا أهل العراق بشيء كان في أيام أبيه، فأجابه معاوية، وكاد يطير فرحا، إلا أنه قال:

أما عشرة أنفس فلا أؤمنهم.

فراجعه الحسن فيهم فكتب إليه يقول: إني قد آليت أنى متى ظفرت بقيس بن سعد أن أقطع لسانه ويده، فراجعه الحسن إني لا أبايعك أبدا وأنت تطلب قيسا أو غيره بتبعة قلت أو كثرت. فبعث إليه معاوية حينئذ برق أبيض وقال: اكتب ما شئت فيه وأنا ألتزمه.

فاصطلحا على ذلك، واشترط عليه الحسن أن يكون له الأمر من بعده، فالتزم ذلك كله معاوية فقال له عمرو بن العاص: إنهم قد انفل حدهم،


(١) في ى: وما وراءه.