وروينا أن معاوية قال حين أنشده مروان شعر أخيه عبد الرحمن: والله لا أرضى عنه حتى يأتى زيادا فيترضاه ويعتذر إليه. وأتاه عبد الرحمن يستأذن عليه معتذرا فلم يأذن له، فأقبلت قريش على عبد الرحمن بن الحكم فلم يدعوه حتى أنى زيادا، فلما دخل عليه وسلم فتشاوس له زياد بعينه وكان يكسر عينه، فقال له زياد: أنت القائل ما قلت؟ فقال عبد الرحمن: وما الذي قلت؟ قال: قلت ما لا يقال. فقال عبد الرحمن: أصلح الله الأمير، إنه لا ذنب لمن أعتب، وإنما الصفح عمن أذنب، فاسمع منى ما أقول. قال: هات. فأنشأ يقول:
إليك أبا المغيرة تبت مما … جرى بالشام من جور اللسان
وأغضبت الخليفة فيك حتى … دعاه فرط غيظ أن لحاني
وقلت لمن يلمنى في اعتذاري … إليك الحق شأنك غير شأنى
عرفت الحق بعد خطاء رأيي … وما ألبسته غير البيان
زياد من أبى سفيان عصن … تهادى ناضرا بين الجنان
أراك أخا وعما وابن عم … فما أدرى بعين من (١) تراني
وأنت زيادة في آل حرب … أحب إلي من وسطى بنانى
ألا بلغ معاوية بن حرب … فقد ظفرت بما يأتى اليدان
فقال له زياد: أراك أحمق مترفا شاعرا صنع اللسان يسوغ لك ريقك ساخطا ومسخوطا عليك، ولكنا قد سمعنا شعرك، وقبلنا عذرك، فهات حاجتك.
قال: كتاب إلى أمير المؤمنين بالرضا عنى. قال: نعم، ثم دعا كاتبه فقال: