من كل شيء تحفظ أخاك إلا من نفسه، والله لو وجدوكم تحت أستار الكعبة لقتلوكم، وهل حرمة المسجد إلا كحرمة البيت، ثم تمثل:
ولست بمبتاع الحياة بسبة … ولا مرتق من خشية الموت سلما
قال: ثم شد عليه أصحاب الحجاج، فقال: أين أهل مصر؟ فقالوا: هم هؤلاء من هذا الباب - لأحد أبواب المسجد، فقال لأصحابه: كسروا أغماد سيوفكم، ولا تميلوا عنى، فإني في الرعيل الأول. قال: ففعلوا، ثم حمل عليهم، وحملوا معه، وكان يضرب بسيفين، فلحق رجلا فضربه، فقطع يده، وانهزموا، فجعل يضربهم حتى أخرجهم من باب المسجد، فجعل رجل أسود يسبه. فقال له: اصبر يا بن حام. ثم حمل عليه فصرعه. قال: ثم دخل عليه أهل حمص من باب بنى شيبة. فقال: من هؤلاء؟ فقالوا: أهل حمص، فشد عليهم، وجعل يضربهم حتى أخرجهم من باب المسجد، ثم انصرف، وهو يقول:
لو كان قرني واحدا لكفيته … أوردته الموت وذكيته
قال: ثم دخل عليه أهل الأردن من باب آخر، فقال: من هؤلاء؟ فقيل:
أهل الأردن، فجعل يضربهم بسيفه حتى أخرجهم من المسجد، ثم انصرف، وهو يقول:
لا عهد لي بغارة مثل السيل … لا ينجلي قتامها حتى الليل
قال: فأقبل عليه حجر من ناحية الصفا، فضربه بين عينيه، فنكس رأسه، وهو يقول:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا … ولكن على أقدامنا يقطر الدم