قبل ذلك لا يدعى باسم الخلافة، وكانت بيعته بعد موت معاوية بن يزيد، واجتمع على طاعته أهل الحجاز، واليمن، والعراق، وخراسان، وحج بالناس ثماني حجج، وقتل ﵀ في أيام عبد الملك يوم الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى. وقيل جمادى الآخرة، سنة ثلاث وسبعين، وهو ابن ثنتين وسبعين سنة، وصلب بعد قتله بمكة، وبدأ الحجاج بحصاره من أول ليلة من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين، وحج بالناس الحجاج في ذلك العام، ووقف بعرفة وعليه درع ومغفر، ولم يطوفوا بالبيت في تلك الحجة، فحاصره ستة أشهر وسبعة عشر يوما إلى أن قتل في النصف من جمادى الآخرة، سنة ثلاث وسبعين.
حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا عبد الله بن معمر، حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج، حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي، عن عبد الله بن الأجلح، عن هشام ابن عروة، عن أبيه، قال: لما كان قبل قتل عبد الله بن الزبير بعشرة أيام دخل على أمه أسماء، وهي شاكية، فقال لها: كيف تجدينك يا أمه؟ قالت: ما أجدنى إلا شاكية. فقال لها: إن في الموت لراحة. فقالت له:
لعلك تمنيته لي. ما أحب أن أموت حتى يأتى على أحد طرفيك، إما إن قتلت فأحتسبك، وإما ظفرت بعدوك فتقر عيني.
قال عروة: فالتفت إلي عبد الله فضحك، فلما كان في اليوم الذي قتل (١) فيه دخل عليها في المسجد فقالت له: يا بنى، لا تقبلن منهم خطة تخاف فيها على نفسك الذل مخافة القتل، فوالله لضربة سيف في عز خير من ضربة سوط في المذلة. قال: فخرج، وقد جعل له مصراع عند الكعبة، فكان تحته، فأتاه رجل من قريش، فقال له: ألا نفتح لك باب الكعبة فتدخلها! فقال عبد الله: