للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تَعَالَى: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٠٨) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (١٠٩) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [الصافات: ١٠٨ - ١١٠]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا﴾ [مريم: ٤٩ - ٥٠].

قال الشيخ السعدي : «وهذا- أيضًا- من الرحمة التي وهبها لهم؛ لأن الله وعد كل محسن، أن ينشر له ثناء صادقًا بحسب إحسانه، وهؤلاء من أئمة المحسنين، فنشر الله الثناء الحسن الصادق غير الكاذب، العالي غير الخفي، فذكرهم ملأ الخافقين، والثناء عليهم ومحبتهم، امتلأت بها القلوب، وفاضت بها الألسنة، فصاروا قدوة للمقتدين، وأئمة للمهتدين، ولا تزال أذكارهم في سائر العصور، متجددة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم» (١).

فكان مقبولًا معظَّمًا مثنًى عليه، في كل الأوقات، وفي جميع الملل، حتى أن اليهود الذين من عادتهم قتل الأنبياء والكفر بهم أحبوه وادعوا أنه منهم، وكذا النصارى، فرد الله عليهم بقوله: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [آل عمران: ٦٧].

وكان من أفضل المرسلين، ومن أولي العزم من الرسل، واتخذه الله خليلًا، حتى صار يدعى بذلك، فيقال: خليل الرحمن، وجعل ذكره ركنًا من أركان الصلاة، لا تصح بدونه (٢).


(١) تفسير السعدي (ص: ٤٩٥).
(٢) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٥٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>