فلا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يذهب بالسيئات إلا هو، ولا يهدي لأحسن الأعمال والأخلاق إلا هو، ولا يصرف سيئها إلا هو، قال تَعَالَى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [يونس: ١٠٧].
فعلى العبد أن يسأل الله الهداية، وأن يسأله الاستدامة عليها.
[الأثر الرابع: محبة الأول والآخر]
إن صدق التعبد باسم الله الأول، والآخر؛ يقود إلى مطالعة منة الله ومحبته، والتبرؤ من كل سبب، فالنعم أولها من الله، ودوامها منه، وانتهاؤها إليه، فكيف يحب العبد غير ربه، أو يشقي نفسه مع خلقه، وهو مؤمن بالأول الآخر سُبْحَانَهُ!
الأثر الخامس: قِصر الأمل في الدنيا والزهد في مباحاتها والبعد عن شهواتها:
من علم أنه سُبْحَانَهُ الآخر، وأنه الدائم الحي الذي لا يموت فكل شيء ينتهي إليه، ويعود إليه، فلا يفلت أحد من قبضته ولا يدوم أحد إلا وجهه الكريم، فكل من على ظهر الأرض فان، كما قال تَعَالَى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٦] فالخلائق كلها مرجعها إليه سُبْحَانَهُ، ومنتهاها إليه جل في علاه، كما قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾ [العلق: ٨] وقوله تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى﴾ [النجم: ٤٢].
فهو سُبْحَانَهُ الذي ينتهي إليه سير السائرين ومعارف العارفين، فكل معرفة قبل معرفته سُبْحَانَهُ فهي سلم على معرفته، وكل رتبة قبل الوصول