للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عباده، والمثبتة بكمال حكمته تَعَالَى؛ إذ وضع الشدة موضعها، والرفق موضعه، وكف بعض الناس عن بعض، فلما دخلت تلك الأحكام تحت كل هذه الصفات كان ذكر الصفات تذييلًا، وفي ذكر وصف (الحكيم) هنا مع وصف (تواب) إشارة إلى أن في هذه التوبة حكمة، وهي استصلاح الناس» (١).

الآثار المسلكية للإيمان باسم الله (التوّاب):

[الأثر الأول: إثبات ما يتضمنه اسم الله (التواب) من صفات الله تعالى]

الله هو التواب، «قابل الدعاء بالعطاء، والاعتذار بالاغتفار، والإنابة بالإجابة، والتوبة بغفران الحوبة، وإذا تاب العبد إلى الله بسؤاله، تاب الله عليه بنواله» (٢).

يقول ابن القيم في لطائف أسرار التوبة: «أن يعرف- أي: العبد- عزته سُبْحَانَهُ في قضائه، وبره في ستره، وحلمه في إمهال راكبه، وكرمه في قبول العذر منه، وفضله في مغفرته …

فإذا عرف العبد عز سيده ولاحظه بقلبه، وتمكن شهوده منه؛ كان الاشتغال به عن ذل المعصية أولى به وأنفع له؛ لأنه يصير مع الله، لا مع نفسه …

ومن شهود عزته أيضًا في قضائه: أن يشهد أن الكمال والحمد، والغناء التام، والعزة كلها لله، وأن العبد نفسه أولى بالتقصير والذم، والعيب والظلم والحاجة، وكلما ازداد شهوده لذله ونقصه وعيبه وفقره؛ ازداد شهوده لعزة


(١) التحرير والتنوير، لابن عاشور (٩/ ١٦٨).
(٢) الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى، للقرطبي (١/ ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>