للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ابن القيم في مناسبة هذا الاقتران: «وما ألطف اقتران اسم (الودود) بـ (الرحيم)؛ وبـ (الغفور)؛ فإن الرجل قد يغفر لمن أساء إليه ولا يحبه، وكذلك قد يرحم من لا يحب، والرب تَعَالَى يغفر لعبده إذا تاب إليه؛ ويرحمه ويحبه مع ذلك» (١)، وقال في موضع آخر: «إن الله تَعَالَى يحب عبده بعد المغفرة فيغفر له ويحبه، كما قال: «إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين»، فالتائب حبيب الله، والود أصفى الحب» (٢).

[الآثار المسلكية للإيمان باسم الله (الغفور والغفار)]

الأثر الأول: إثبات ما يتضمنه اسمي الله (الغفور والغفار) من صفاته سُبْحَانَهُ، وتحقيق التوحيد له:

الغفور سُبْحَانَهُ يرخي ستره على عباده، ويغفر لهم، ويعفو عنهم، ويرحمهم، يقول تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [آل عمران: ١٣٥]، وهو سُبْحَانَهُ الذي يفتح للعصاة من خلقه باب التوبة، ويدعوهم إلى الولوج فيه، فيبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، وهو الذي يغفر الذنب مهما عظم إن تاب صاحبه منه، يقول تَعَالَى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: ٥٣].

وفي هذه الآية بشارة ربانية عظيمة، مفادها: أنه مهما كان الذنب عظيمًا، ومهما كانت الخطيئة كبيرة لا تيأس ولا تقنط، بل أقبل على الغفور الغفار فهو


(١) التبيان في أقسام القرآن (ص: ١٢٤).
(٢) روضة المحبين (ص: ٤٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>