يقول ابن القيم ﵀:«فالبصيرة في الأسماء والصفات: أن لا يتأثر إيمانك بشبهة تعارض ما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله، بل تكون الشبه المعارضة لذلك عندك بمنزلة الشبه والشكوك في وجود الله، فكلاهما سواء في البلاء عند أهل البصائر.
أما المرتبة الثانية من البصيرة: البصيرة في الأمر والنهي، وهي تجريده عن المعارضة بتأويل أو تقليد أو هوى، فلا يقوم بقلبه شبهة تعارض العلم بأمر الله ونهيه، ولا شهوة تمنع من تنفيذه وامتثاله والأخذ به، ولا تقليد يريحه عن بذل الجهد في تلقى الأحكام من مشكاة النصوص، وقد علمت بهذا أهل البصائر من العلماء من غيره.
أما المرتبة الثالثة من البصيرة: البصيرة في الوعد والوعيد، وهي أن تشهد قيام الله على كل نفس بما كسبت في الخير والشر عاجلًا وآجلًا، في دار العمل ودار الجزاء، وأن ذلك هو موجب إلهيته وربوبيته وعدله وحكمته؛ فإن الشك في ذلك شك في إلهيته وربوبيته، بل شك في وجوده؛ فإنه يستحيل عليه خلاف ذلك، ولا يليق أن ينسب إليه تعطيل الخليقة وإرسالها هملًا وتركها سدًى، تَعَالَى الله عن هذا الحسبان علوًّا كبيرًا، فشهادة العقل بالجزاء كشهادته بالوحدانية» (١).
[الأثر التاسع: الدعاء باسم الله البصير]
الدعاء باسم الله (البصير) من الأدعية التي تؤمن الخائف ممن يخيفه، وتقي المظلوم من ظالمه، وهو دعاء مؤمن آل فرعون، يقول تَعَالَى على