للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النساء: ٣٦ - ٣٧]، فهم في حقيقة الأمر قد جمعوا بين أمرين ذميمين، كل منهما كاف في الشر، وهما: أنهم يبخلون، ويأمرون الناس بذلك أيضًا، فلم يكفهم بخلهم، حتى أمروا الناس بذلك، وحثوهم على هذا الخلق الذميم، سواء بقولهم أو فعلهم، وهذا من إعراضهم عن طاعة ربهم وتوليهم عنها (١)، فمن أعرض عن تبليغ ما علمه الله وتفضل به عليه فقد عارض أمر الله تَعَالَى، في قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: ١٨٧].

يقول السعدي في ذلك: «الميثاق هو العهد الثقيل المؤكد، وهذا الميثاق أخذه الله تَعَالَى على كل من أعطاه الله الكتب وعلمه العلم، أن يبين للناس ما يحتاجون إليه مما علمه الله، ولا يكتمهم ذلك، ويبخل عليهم به، خصوصًا إذا سألوه، أو وقع ما يوجب ذلك، فإن كل من عنده علم يجب عليه في تلك الحال أن يبينه، ويوضح الحق من الباطل» (٢).

الأثر السادس: دعاء الله باسمه تَعَالَى (المبين):

من عرف اسم الله المبين دعاه والتجأ إليه، ودعاه أن يريه الحق حقًّا ويرزقه اتباعه، ويريه الباطل باطلًا ويرزقه اجتنابه، سواء في أمر دينه أو دنياه.

وهذا ما فعله الفاروق لما نزل تحريم الخمر، قال عمر : «اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانَ شِفَاءٍ، فَنَزَلَتِ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ، فَدُعِيَ عُمَرُ، فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانَ شِفَاءٍ، فَنَزَلَتِ الَّتِي فِي النِّسَاءِ:


(١) ينظر: اقتضاء الصراط، لابن تيمية (ص: ٦)، وتفسير السعدي (ص: ٨٤٢).
(٢) تفسير السعدي (ص: ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>