للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يحبه ويرضاه.

يقول تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [آل عمران: ٣١].

والرؤوف سُبْحَانَهُ متصف بصفات الكمال والجلال، والمنزه عن النقائص والعيوب؛ ومن كان هذا وصفه فإن النفوس مجبولة على حبه وتعظيمه، وهذه المحبة تورث حلاوة في القلب، ونورًا في الصدر، وهذا هو النعيم الدنيوي الحقيقي الذي يصغر بجانبه كل نعيم.

[الأثر الثالث: التخلق بخلق الرأفة]

فقد كان النبي الرؤوف الرحيم شديد الرأفة والرحمة بأمته، فهو أرحم بهم من والديهم، عطوف رفيق، وقد أعطاه اللهتَعَالَى في هذه الآية اسمين من أسمائه، وهو في نهاية الكرامة (١).

قال الله تَعَالَى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨].

ومعنى ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ أي: يشق عليه الأمر الذي يشق عليكم ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾، فيحب لكم الخير ويسعى جهده في إيصاله إليكم، ويحرص على هدايتكم إلى الإيمان، ويكره لكم الشر، ويسعى جهده في تنفيركم عنه ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ أي: شديد الرأفة والرحمة بهم، أرحم بهم من والديهم، ولهذا كان حقه مقدمًا على سائر حقوق الخلق،


(١) تفسير السمعاني (٢/ ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>